
بتتبع الأخبار والتقارير نظريا لا نسمع ولا نقرأ سوى ما يسر الخاطر من عبارات الإنتاج الوفير والاكتفاء الذاتي والمنافسة وتسقيف الأسعار ومتابعة وزارة التجارة وتحت إشراف مديرياتها ومفتشيها، وما إن ننزل إلى واقع الأسواق لا نجد كل تلك البحبوحة التي تحولت إلى مادة لسخرية المواطن الجزائري الذي ربط النشرات الرسمية وغالبية الإعلام بالأكاذيب والمغالطات بكون ما يواجهه يوميا من ارتفاع للأسعار وتذبذب وانحدار للقدرات الشرائية يُناقض تماما المساعي الرسمية من أجل تحقيق تلك المراهنات الموجهة لصالح الفئات الهشة والمتوسطة ومنعدمي الدخل وغيرهم ممن هم في صدارة اهتمام “الجهات المعنية”..
فالبطاطا لم تنزل إلى الثمن المُصرح به لتفريغ المخزون والانتقال إلى مرحلة الاستهلاك الموسمي وملء المخازن من جديد وما تزال تتراوح بين أسعار غير مقبولة أو معقولة مع رداءة واضحة رغم مرور أيام معتبرة منذ الإعلان المتعلق بتخفيض أسعارها، ونفس الأحوال فيما يخص الموز وغير ذلك من الخضر والفواكه التي لم تعد في متناول غالبية الأسر إلى درجة أن هناك من يصنفها من ضمن الكماليات لغلائها ولا يمكن اقتناؤها لضعف الراتب والمدخول، وما لا يمكن إخفاؤه أو التلاعب بحقائقه هو أحوال الأسواق الداخلية لكونها مرتبطة بالمستهلك رأسا والمستهلك أدرى “بشعابها” وخفاياها وتقلباتها التي تقف إلى غير صالحه ومرضاته..
وما يوقعنا في الحيرة والغرابة أننا فعلا وصلنا إلى مراتب متقدمة من الإنتاجية والوفرة ومع ذلك لم نصل مستويات الرخاء المعيشي الذي وُعدنا به منذ سنوات لم تكن كفيلة بتحقيقه لعامة الشعب المتطلع لأمن غذائي دائم واستقرار معيشي على جميع الجبهات، ولماذا كل هذا التناقض بين الواقع والتقارير ومن يقف وراء محاولات إفشال أي تقدم من أجل ذلك، خاصة وأن الجزائر تواجه في الفترة الأخيرة ضغوطات واستهدافات خارجية قد تجد أجواءها المناسبة للاختراق ومحاولة خلط الأوراق الداخلية من بؤر التوتر حيث ليس هناك من ضغط قد يتفوق على غليان الجبهة الاجتماعية وتشعب أزماتها ومشاكلها وتعقيداتها بينما الحلول لا تزيد عن تعليمات مُجمدة وتهديد غير نافذ وتلويح بالمتابعة مُفرغ من أي تفعيل.
سماح خميلي