
الشهادة مرتبة عظيمة يمنحها الله تعالى لمن سعى للوصول إليها، وذلك بصدق النية، فأوقف نفسه وبذل فيه روحه، فالشهادة حالة شريفة تحصل للعبد عند الوفاة، لها سبب وشرط ونتيجة، وشهداء الأمة كثيرون منهم من استشهد في ساحة الوغى بين قعقعة السيوف خفق البنود، حتى نال شرف الشهادة، ولنا في رسول الله صلى الله عليه وسلم القدوة الحسنة، الذي كوّن الرجال أولا وأعد العدة وهاجر من مكة المكرمة إلى المدينة المنورة ليؤسس للدولة فكان له ذلك بفضل شاب وجّههم ورباهم وعلمهم، فكانت الشعلة، ومن بعده العلماء الأجلاء الذين يعرفون التضحية والفداء فحققوا انتصارات على الأعداء، دحروا الفرس والروم، حرروا أوطانا وشعوبا، ولنا في تاريخ الجزائر ثورات شعبية وثورة عظيمة أسس لها أصحاب العقل والفضل والعلم وقام بها شباب مخلصون أوفوا بالعهود، فكانت ضريبة التحرير غالية، شهود وشهداء دماء أرامل ثكالى وأيتام، نذكر منهم العالم العربي التبسي وإخوانه في الجهاد أسد الأوراس مصطفى بن بولعيد. واليوم ونحن نرى الشباب قد حادوا عن الرسالة، فها هي المناسبة تدعوهم لتذكر مآثر وآثار السابقين، وأن باب التضحية لم يغلق ولكنه مفتوح على مصراعيه، إنه الجهاد بالقلم وطلب العلم، كيف لا ورسولنا صلى الله عليه وسلم قال: ومن سلك طريقا يبتغي فيه علما سهل الله له طريقا إلى الجنة، وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضا بما يصنع وإن العالم ليستغفر له من في السماوات والأرض حتى الحيتان في الماء، وفضل العالم على العابد كفضل القمر على سائر الكواكب، وإن العلماء ورثة الأنبياء، وإن العلماء لم يورثوا دينارا ولا درهما وإنما ورثوا العلم، فمن أخذه أخذ بحظ وافر، رواه أبو داوود والترمذي أيها الشباب رسالة الشهيد إليكم العلم و الترغيب فيه ووجود الإخلاص والعمل والعطاء لأجله فبه تدعو الأمم ويرتفع شأنها فضريبة التحرير الدماء الطاهرة الزكية وأما ضريبة اليوم فهي الجهد والعمل والتضحية بالوقت وحب الوطن للمساهمة في البناء والتشييد والنمو والإزهار.
بالتوفيق للجميع دمتم أحرارا عاملين فاعلين.
ناصر بروال/ أستاذ متقاعد.