إسلاميات

رحمة الله المهداة

خواطر إيمانية

هي قرة عيون المحبين، ولذة أرواح الموحدين، وبستان العابدين، ولذة نفوس الخاشعين، ومحك أحوال الصادقين، وميزان أحوال السالكين، وهي رحمةُ الله المهداة إلى عباده المؤمنين” فمن تكون؟ يجلي ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فيقول: « وَجُعِلَ قُرَّةُ عَيْنِي فِي الصَّلَاةِ».

نعم.. إنها الصلاة، نعيم الحياة ولذتها وأنسها، حتى قال بعض السلف: “إني أدخل الصلاة فأحمل هم خروجي منها ويضيق صدري إذا عرفت أنى خارج منها.. ومن كانت قرة عينه في شيء فإنه يود ألَّا يفارقه ولا يخرج منه فإن قرة عين العبد نعيمه وطيب حياته به”.

“قرة العين التي يطمئن القلب بالوصول إليها ومحض لذته وفرحه وسروره وبهجته إنما هو في الصلاة التي هي صلة بالله وحضور بين يديه ومناجاة له واقتراب منه، فكيف لا تكون قرة العين”.

كل مسلم يتمنى أن تكون الصلاة قرة عين له ولكن كيف ينال هذه القرة؟

للعبد في الصلاة أحوال من وفق لها كانت الصلاة قرة عينه ولذة روحه وأنسه قلبه وهذه الأحوال هي:

الحال الأول: الطهارة فلا يمن الدخول في الصلاة إلا بها وإلا فالصلاة مردودة على صاحبها عن أبي هُرَيْرَةَ، قالُ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لاَ تُقْبَلُ صَلاَةُ مَنْ أَحْدَثَ حَتَّى يَتَوَضَّأَ».

والوضوء كما أنه طهارة حسية فهو أيضا طهارة معنوية وتنقية من الذنوب والآثام حتى يدخل العبد على ربه طاهر القلب والبدن.

وحين يستشعر العبد هذا المعنى ويعلم أن طيب لا يقبل إلا طيبا، وأن ينظر إلى قلبه ومدى سلامته فيحصر على طهارة قلبه وسلمته كما يحصر على طهارة بدنه، فإنه هذا الشعور يورث القلب إجلال وتعظيم الدخول عليه.

الحال الثاني: الافتقار والتذلل والخضوع وذلك ما يدل عليه حال المصلي وهيئته إذا قام بين يدي الله ونظر إلى موضع سجوده نظر المفتقر إلى فضل الله ورحمته وجوده، نظر الفقر المسكين المحتاج فهو فقير واقف بباب الغني الحميد يلتمس فضله وعطاءه.

الحال الثالث: تعظيم الله وخشيته، تأمل أول ما يقول المصلي: (الله أكبر)، الله أكبر من كل شيء تكبير وإجلال لله عز وجل (الله أكبر) تصحب المصلي من أول الصلاة إلى نهايته.

الحال الرابع: الحمد والثناء على الله ولا أحد أحب إليه المدح والثناء من الله فهو أهل الثناء والمجد والصلاة من أولها إلى آخرها مدح وحمد وثناء على الله عز وجل، تأمل ذكر الاستفتاح فهو ثناء على الله تأمل سورة الفاتحة تأمل دعاء الرفع من الركوع «رَبَّنَا وَلَكَ الْحَمْدُ حَمْدًا كَثِيرًا طَيِّبًا مُبَارَكًا فِيهِ»

تأمل التشهد هذا الذكر العظيم.

الحال الخامس: تنزيه الله عم لا يليق به بقولك سبحان الله فالعبد يسبح ربه في استفتاح صلاته وفي الركوع والسجود، وتنزيه الله من أشرف الأعمال فالله يسبح له من في السماوات ومن الأرض ﴿ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ ﴾ [الإسراء: 44] سبحانه ما أعظمه وأجله وأعلاه.

الحال السادس: حال القرب من الله بأن يستشعر العبد أن متصل بالله قرب منه سبحانه، قَالَ بَكْرُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيُّ: «مَنْ مِثْلُكَ يَا ابْنَ آدَمَ خُلِّيَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْمِحْرَابِ وَالْمَاءِ كُلَّمَا شِئْتَ دَخَلْتَ عَلَى اللَّهِ لَيْسَ بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ تُرْجُمَانٌ».

فالعبد في صلاته في حوار مع ربه جل وعلا وكم في هذا الحال من الفوز العظيم والعطايا والهبات التي لا تخطر للعبد على بال لو استشعرها.

وفي حال السجود يكون العبد أقرب شيء إلى ربه، وهو أعظم موطن لطلب الحاجات ونيل العطايا والهبات عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَقْرَبُ مَا يَكُونُ الْعَبْدُ مِنْ رَبِّهِ، وَهُوَ سَاجِدٌ، فَأَكْثِرُوا الدُّعَاءَ».

الحال السابع: الدعاء فالله جلا وعلا يحب من عباده أن يدعوه فالفاتحة دعاء والجلوس بين السجدتين فيه كل مطالب العبد ” رَبِّ اغْفِرْ لِي، وَارْحَمْنِي، وَاجْبُرْنِي، وَارْفَعْنِي، وَارْزُقْنِي، وَاهْدِنِي ” والسجود أعظم وأفضل مواطن الدعاء وبعد التشهد من مواطن إجابة الدعاء، هذه بعض أحمال المصلى والتي إذا وفق لها ذاق لذت الصلاة وكانت قرة عينه وأنسه وسروره.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.