العمود

دراما “التيك توك”

وجهة نظر

نستقبل الأسبوع المقبل شهر رمضان المعظم، والذي يعد على الصعيد الثقافي والفني في الوطن العربي عامة أحد أهم المواسم في السباق الإنتاجي، أما في الجزائر فهو الموسم الوحيد بالنسبة للمنتجين الذين عادة ما يقدمون خلاله أعمالا ذا بعدين فنيين لا ثالث لهما وهما الدراما الإجتماعية والكوميديا التي تطرح على شكل “سيت كوم”، في وجهان يأبى المنتج الجزائري تغيرهما بحجة أن هذا ما يرده الجمهور والأسهل تسويقيا.

وبكونه الموسم اليتيم طبعا تكون فيه المنافسة شديدة بين مختلف المنتجين الذين يسعون لأن يخطفوا التميز بأعمالهم، حيث تقول أبجديات العمل الإنتاجي أن الأعمال الأفضل من الناحية الإخراجية أو القوية من خلال حبكة قصتها وقوة نصها أو التي تتميز بألمع النجوم القادرين على تجسيد قصة الرواية هي التي تخلق الفرق وتجلب الجمهور وترفع العمل الفني أو تضعه، وطالما كان هذا الأساس وهذه الأبجديات متاحة فإننا أمام منافسة وأعمال تبقى وتترسخ في ذاكرة الجمهور، وتبقى في الذاكرة الفنية والإبداعية للفنان والجمهور على حد سواء حتى تصبح “نوستالجيا” مرتبطة بذكريات الطفولة والأسرة والمجتمع، ويمكن أن يكون المثل على مسلسل “جحا” الذي ظل راسخا في الذاكرة الفنية الرمضانية، وغيره العديد من الأعمال التي جعلت من رمضان شهرا لتلقي إنتاج فني هادف وراق يحترم عقل الجمهور.

ولكن الملاحظ أن المنتجين خلال السنوات القليلة الماضية وفي ظل عدم تمكنهم من خلق نص يخرج عن الصندوق المألوف في السياق الدرامي أو صنع النكتة المضحكة في السياق الكوميدي، فقد أضحوا يعولون فقط على “المؤديين” ومدى شعبيتهم وجماهريتهم والتي أضحت تقاس بعدد المشاهدات على “تيك توك”، دون الأخذ بالإعتبار نوع محتواهم المقدم ولا قدرتهم في أداء الدور والغوص في ملامح الشخصية لتقديم عمل يرقى لأن يصنف عملا فنيا، فوجدنا أنفسنا أما سلسلة تعرض بائع بيتزا اشتهر بخفة دمه مع زبائنه على أنه شخصية رئيسة في عمل رمضاني وهو ليس مثالا وحيدا بل جل الأعمال حملت في طياتها نفس المبدأ شخصية شهيرة ولا تهم سبب شهرتها في عمل ينافس للسباق الرمضاني بحجة هذا ما يرديه الجمهور.

السباق الرمضاني فالجزائر هذه السنة الذي يعتبر سباقا “تكتوكيا” جعل قامات التمثيل في الجزائر تركن جانبا، وأصل “أشباه فنانين” مثلما وصفهم وزير الثقافة والفنون في آخر اجتماعاته هذا الأسبوع، لن يسئ فقط لسمعة الأعمال التي تطرح ولا لسمعة مؤسسات الإنتاج فقط بل تضر بسمعة الجزائر فنيا وثقافيا، كما أنها من المرجح أن تنتج جيلا منسلخا من ثقافته الوطنية التي لن يراها ترقى لتطلعاته خصوصا في ظل التطور الرهيب الذي يحظى به الإنتاج العربي خصوصا في الشرق الأوسط وأيضا سهولة الوصول لأعمال عالمية لا يمكن بأي حال من الأحوال وضعها في خانة المقارنة مع ما يطرحه “التكتوكرز” الجزائريين.

وعلى الرغم من ما سبق إلا أننا نأمل أن يصنع عمل أو أكثر بعض “البوز” من ناحية المشاهدات وأيضا يقدم إضافة فنية تحترم عقل المشاهد الجزائري، كما نأمل أن تكون لجنة ضبط السمعي البصري بالمرصاد لكل المخالفين.

رضوان غضبان

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.