
نضطر اليوم ونحن نتلقى وعودا جديدة في خطابات منطوقة ومكتوبة لاستحضار قصة “حمار الملك” مرة أخرى، والتي كنا قد سردناها في عمود سابق غير أن بعض المقامات تستوجب ذات المقال، فيحكى أن أحد الملوك كان يحب حماره لدرجة أنه خصص جائزة لمن يستطيع تعليمه، ومن بين كل سكان المملكة، تجرأ شاب واحد فقط على قبول “خوض التجربة” والاستجابة لنداء الملك، وعندما مثل بين يدي “جلالته” سأله الأخير “هل تستطيع تعليم الحمار فعلا؟”، فأجابه الشاب، “بكل تأكيد” وسأعلمه الكتابة والقراءة وحتى الغناء، وكان شرط الشاب أن يمهله الملك عقدا كاملا من الزمن، واشترط أن يخصص له ميزانية وامتيازات طيلة عشر سنوات، فقبل الملك، لكن زوجة الشاب تساءلت خائفة “كيف تتجرأ على المغامرة والمقامرة بحياتك وأنت أدرى الناس بأن الحمار لا يمكنه أن يكون سوى حمار؟”، فقال الشاب “خلال عشر سنوات، سوف يموت أحدنا، إما أنا، أو الحمار أو الملك”، فدعينا نستمتع بحياة الأمراء إلى حين انقضاء العشر سنوات.
نحن نذكر جيدا كما جل ساكنة ولاية باتنة بأن والي الولاية محمد بن مالك قد كان يصر في كل خرجاته على “ضرورة التقيد بآجال الإنجاز” و”بالمعايير المعمول بها عالميا”، ومن بين المشاريع التي ركز فيها الوالي على ضرورة التقيد بآجال الإنجاز “عملية تهيئة الطرقات”، ونذكر أيضا بأن الوالي قد قال في تصريح موثق لإحدى وسائل الإعلام نهاية شهر أفريل من العام المنصرم بأنه سيتم تعبيد الطريق فور انتهاء أشغال صيانة الشبكات في كل حي، بمعنى أن الوالي قد تلقى وعودا من طرف المقاولين أو الجهات التي تتولى الإنجاز في هذا الشأن وإلا لما صرح بما صرح به، لكن، ورغم تصريحات الوالي، إلا أن مدينة باتنة مازالت على حالها “ورشة مفتوحة” في جل الأحياء، ما يعطي انطباعا لأي مواطن بأن عملية تهيئة الشبكات لم تنته في كل هذه الأحياء وهذا أمر غير معقول، فقرابة العام، هي مدة تكفي لإنهاء تهيئة الشبكات في أكثر من عشرة أحياء، لكن، هل تستطيع السلطات المحلية ممثلة بالبلدية أن تحصي لنا الأحياء التي انتهت بها أشغال تهيئة الشبكات بنسبة 100%؟ فإن كانت أشغال التهيئة قد انتهت بنسبة 100% بحي أو حيين أو حتى ثلاثة أحياء على الأكثر، فهل انطلقت بها عملية تعبيد الطرقات؟ وهنا نتساءل أيضا، كم ستدوم عملية تهيئة الشبكات التي انطلقت قبل أكثر من عام؟
الغريب أن عديد المسؤولين ببلدية باتنة، قد أكدوا طيلة الأيام القليلة الماضية أن عملية تعبيد الطرقات ستنطلق بعد انتهاء عملية صيانة الشبكات، لكن هؤلاء المسؤولين لم يقدموا لنا أية أرقام، سوى تلك المتعلقة بالأغلفة المالية التي لا تهم المواطن “البسيط” بقدر ما تهمه معرفة “موعد انتهاء صيانة الشبكات”، إذ يفترض منطقيا وقانونيا أن تكون مختلف السلطات على علم بآجال إنجاز أي مشروع، أم أن عديد المسؤولين في ولاية باتنة عموما، وفي بلدية باتنة على وجه الخصوص قد باتوا يمارسون مع المواطن لعبة “الشاب” مع “الملك” حيث الخطاب مبني للمجهول ليبقى “قوس الآجال مفتوحا إلى وقت غير معلوم”؟ فهل سيتكرم بعض المكلفين “بالتودد للمواطنين ودعوتهم للتحلي بالصبر، هل سيتكرمون بالتصريح بالآجال المتفق عليها مع المقاولات كي يتسنى للمواطن تقييم مدى التزامهم بوعودهم أم أن المواطن ملزم فقط بالتحلي بالصبر وانتظار المجهول؟
حمزه لعريبي