
مذ سقط “جمال بن إسماعين” شهيدا على مرأى من العالم بأسره في أبشع وأشنع جرم اقترفه إرهابيون لا صلة لهم بالإنسانية بدأت تتنامى خطابات الكراهية والعداء لكل ما هو ومن هو قبائلي حيث اعتُبرت الجريمة عنصرية وعروشية بامتياز بسبب العبارات التي كان يرددها القتلة، وإن كانت الجريمة في حقيقتها التي ستتكشف مع التحقيقات الجارية أكبر من قتلة “قبايل” وقتيل “عربي” رحمه الله ومن الظلم إلحاق العنصرية والتمييز بالقبائل دون غيرهم وإطلاق ذلك على العموم وقد انساق الملايين بعنصرية مشابهة نحو هذا المنحدر الخطير الذي سيهوي بالكثيرين إلى مزالق الدخول في حالة احتقان قسوى قد تؤدي إلى انفجار أمني داخلي إن لم يتدخل أهل الحكمة في هذا الوطن لإخماد نار الفتن التي أراد إشعالها أطراف تسعى لتخريب البلاد والعبث بأمنها واستقرارها..
ورغم وجود قانون صارم وقد استُجد حديثا يجرم خطاب الكراهية ويكافح التمييز بسبب التنامي المقلق لهذا النوع من الانحرافات الاجتماعية التي من شأنها أن تكون سببا في تمزيق وحدة البلاد إلا أن الواقع ومواقع التواصل كشفا عن وجود أشخاص لا يأبهون للقوانين ولا للأعراف يبثون سمومهم وأحقادهم عبر صفحاتهم وحساباتهم الخاصة في غياب تطبيق صارم للقانون ذاته، إذ لا جدوى من سن القوانين إن كان التساهل في الأخير هو من يحكم..
وبوجود أشخاص يخاطبون العامة ويدخلون بيوتنا وأذهاننا يوميا من خلال المنصات الاجتماعية فلابد من وجود استجابة وتأثير لم نحسب له حسابا بينما يراهنون هم على حساباتهم الدقيقة والمدروسة لتحقيق أهدافهم..
وعلى أية حال لا يمكن أن يخلو مجتمع من خطابات العنف والكراهية التي عادة ما تغذيها مشاعر تضيق بوجود الآخر وتعتبر الذات أو الفئة التي ينتمي إليها أصحابها أو الأصول أعلى شأنا وأرقى من بقية الأعراق أو القبائل أو حتى العائلات، وقد تبقى هذه المواقف العنصرية العدائية مُحتبسة إلى أن تجد ما يفجرها في جريمة شنعاء أو كلمات فاحشة أو أفعال خارجة عن السيطرة تصل إلى حد الإيذاء الجسدي والعنف والتحريض عليه، إلا أن الغلبة ستكون للحكمة المفضية للحفاظ على طيب العلاقات التي تجمع الجزائريين على قلب واحد في الأمن والأزمات ما يعني أن تلك الخطابات (وقت الصح) لا تجد لها من سبيل ولا مكان سوى الردم التقني كنفاية يجب التخلص منها وقطع الطريق على كل محرض أو منشق أو انفصالي أو “هايشة” يردد كل ما يسمع ويتأثر بكل ما يرى ولا يفرق بين حق أو باطل؟!.
سماح خميلي