
يقال أن المدرسة هي البيت الثاني للطفل والمسؤولة كطرف ثان عن تربية النشء وتعليمه قواعد الحياة والنظام العام، وأصول وآداب المعاملة إلى جانب تعليمه وتنوير عقله حتى تكون مكملا للأسرة التي هي في الأصل البيت الأول له دون غيره وبغياب الأسرة لا يمكن للمدرسة أن تؤدي كل الأدوار رغم أنها صارت اليوم مجبرة على ذلك وملزمة به كرها على كره.
فالأسرة تعد الخلية الأساسية في جسد المجتمع وهي اللبنة الأولى لبنائه لكنها مع مرور الزمن وبتخليها التدريجي عن مسؤولياتها ما تسبب في زعزعة استقرار المجتمع، بانتشار الأمراض الاجتماعية فيه والأوبئة والآفات، وجاء هذا التخلي مزامنا أو بالأحرى ملزما لتولي المدرسة للكثير من المهام والمسؤوليات فأثقل كاهلها وأرهق القائمون عليها كما صارت الاتهامات الخطيرة توجه إليهم كلما تفجرت مشكلة داخل البيت الثاني الذي يكاد يصبح البيت الوحيد.
ولعل الأحداث الأخيرة والمتعلقة بخروج تلاميذ المدارس على اختلاف أعمارهم إلى الشارع للمطالبة بما أطلقوا عليهم اسم “حقوقهم”، يؤكد تخلي الأسرة شبه التام عن ورها وغياب التوعية من طرف الأهل والأولياء وفي نفس الوقت سيطرة من داخل أسوار المدرسة وخارجها على عقولهم، لتتفجر موجة غضب تلاميذ في عمر مبكر ضد وزارة التربية وضد البرامج والمناهج بشكل غريب مريب يثير ألف علامة استفهام منها م الدور الذي يلعبه البيت الأول في مثل هذه الظروف والظواهر والمشكلات؟
فحين يغيب البيت الأول الذي تجرد من مسؤولياته وألقى بها على عاتق البيت الثاني المكمل له، تختل كفتا الميزان وتصير الثانية أثقل وأكثر تعقيدا فتتعسر عليها عملية التعليم والتربية والتوجيه، ويزيد تشتتها واختلالها ومعه يزيد العبء الذي تتحمله وكذلك الاتهام.
نوارة بوبير