متابعات

حصيلة مفجعة، إتهامات، وحقائق مثيرة في تحطم طائرة كورية!

وسط التوترات السياسية التي تعيشها البلاد...

أياما فقط بعد سقوط الطائرة الأذربيجانية في كازاخستان ومقتل 38 شخصا من أصل 68 راكبا، استيقظ العالم يوم أمس على كارثة جديدة كان مطار موان الدولي جنوب غرب كوريا الجنوبية مسرحا لها، حيث تحطمت طائرة “بوينغ 737-800” التابعة لشركة “جيجو للطيران” الكورية الجنوبية بعد انحرافها عن مسارها وانزلاقها عن المدرج دون عجلات هبوط، قبل أن تصطدم بجدار في المطار لتتحول إلى كُرة لهب كبيرة مُخلفة وراءها 179 قتيلا من أصل 181 راكبا كانوا على متنها، منهم 175 مسافرا و6 أفراد من طاقم الطائرة…

محمد بلقاسم ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

مصرع 179 راكبا ونجاه اثنين بمعجزة

وأكدت وكالة الأنباء الرسمية في كوريا الجنوبية، أن الطائرة التي قدمت إلى موان من “بانكوك” التايلندية كانت تُقل 181 راكبا على متنها، منهم 175 من المسافرين لقوا حتفهم جميعا، إضافة إلى 6 أفراد من طاقم الطائرة توفي منهم أربعة أشخاص ونجا اثنين نُقلا على جناح السرعة إلى المستشفى، وأفادت التقارير أنه من بين الضحايا، 71 جثة لذكور و71 جثة لإناث، فيما لم يتسن تحديد جنس عدد من الجثث الأخرى رغم تأكيد وسائل إعلام كورية أن 82 رجلا و93 امرأة كانوا على متن الطائرة، وحسب ذات الوكالة فإن اثنين من الركاب يحملان الجنسية التايلندية، فيما يحمل البقية الجنسية الكورية الجنوبية، وفصّلت وسائل الإعلام الكورية أكثر في هوية الضحايا موضحة أن أكبر الركاب كان شيخا من مواليد 1946، فيما كان أصغرهم طفل وُلد سنة 2021، وهو من ضمن خمسة ركاب فقط كانوا دون سن العاشرة، كما أن ثلاثة عشر راكبا كانوا مسؤولين حكوميين سابقين على المستويين الإقليمي أو المحلي، بجانب ثمانية موظفين حكوميين حاليين من مقاطعة هواسون إضافة إلى خمسة ضباط إداريين في مكتب التعليم الإقليمي بـ جيونام، للإشارة فإن أغلب هؤلاء عادوا إلى ديارهم من رحلة سياحية لمدة خمسة أيام في بانكوك.

 

خلال في معدات الهبوط وحديث عن اصطدام بطائر!

ورجحت التقارير الأمنية الأولية أن اصطدام الطائرة التابعة لشركة “جيجو للطيران” بطائر أثناء عملية الهبوط كان السبب الرئيسي في حدوث الكارثة، وهو السبب الذي لم يهضمه الكثيرون في كوريا الجنوبية، تماما مثلما لم يقبل المشاهدون لفكرة تسبب الأحوال الجوية في هذا الحادث بما أن فيديو تحطم الطائرة لم يكن يُظهر أي أحوال جوية سيئة على الإطلاق، ورجّح الكثير من الخبراء أن يكون السبب الرئيسي تقني بحت وهو ما تسبب بشكل رئيسي في عدم قدرة قمرة القيادة على إنزال العجلات الخلفية، كما أشار خبراء إلى أنه من غير المرجح أن يؤدي اصطدام طائر بالطائرة إلى خلل في عمل معدات الهبوط، ما يعني أنه تم تبني هذه الفرضية بسبب ما ذكره مسؤولون حول إصدار أبراج المراقبة تحذيرات حول تحليق أسراب طيور بالقرب من المطار، وبعد دقائق فقط طلب الطياران المساعدة وأبلغا عن حالة طارئة بنداء استغاثة، كما حاولا الهبوط دون إدراك منهم لما سيحدث بعدها، بما أنهم رجحوا فكرة الهبوط على المدرج وليس الإنزلاق بعيدا عنه.

 

الطائرة احترقت بالكامل والناجيان كانا في ذيلها

وأعلن جو جونغ وان نائب وزير النقل الكوري الجنوبي يوم أمس الأحد أنه تم العثور على الصندوقين الأسودين للطائرة المنكوبة، حيث قال في مؤتمر صحفي: “بالنسبة إلى الصندوقين الأسودين، فقد عثر على مسجل الصوت في قمرة القيادة ومسجل بيانات الرحلة”، وهو ما من شأنه أن يكشف أكثر عن أسباب هذه الكارثة وما إن كانت الطائرة قد أقلعت من بانكوك بمشاكل تقنية من الأساس، خاصة وأن قائد الطائرة يملك خبرة كافية لتفادي مثل هذه الحوادث وهو الذي يعمل في وظيفته منذ 2019 وسجل إلى غاية تحطم الطائرة 6823 ساعة طيران، فيما عمل مساعده في هذا المنصب منذ العام الماضي فقط وسجل ما يقارب 1650 ساعة طيران، وذكرت الأخبار الواردة من مطار موان أن أجواء حزينة جدا خيمت على المكان بحضور كبير لأكبر المسؤولين في كوريا الجنوبية ناهيك عن عائلات الضحايا والمئات مكن الصحفيين الذين كانوا يوثقون للحدث الجوي الأسوأ في تاريخ البلاد، في انتظار شفاء الناجيين الوحيدين من تحطم الطائرة وأخذ شهادتهما الرسمية حول ما حدث، وفي هذا الصدد أكد لي جونغ هيون رئيس إدارة الإطفاء في موان أن رجلا وامرأة من طاقم الطائرة قد جرى إنقاذهما من ذيل الطائرة المحترقة، وهو الجزء الوحيد الذي احتفظ ببعض شكله، في حين يبدو من شبه المستحيل حسب ذات المتحدث التعرف على باقي أجزاء الطائرة في إشارة إلى احتراقها بالكامل.

 

اتهامات ثقيلة للمطار بسبب غياب الرغوة المانعة للاحتراق

وقبل الكشف عن الأسباب الأساسية والرئيسية وراء هذا الحادث، تقدم جيفري توماس رئيس تحرير “إيرلاينز نيوز” بأسئلة مُحرجة للعديد من الهيئات وعلى رأسها إدارة مطار “موان” الدولي، حيث أكد أن نداء الاستغاثة وصل إلى المطار دقائق قبل سقوط الطائرة وكان مُمكنا إطلاق الرغوة المانعة للحرائق والإنفجار بسبب احتكاك جسم الطائرة بالمُدرج، حيث قال: “لماذا لم تطلق فرق الإطفاء الرغوة على المدرج؟ لماذا لم تكن الفرق موجودة عندما هبطت الطائرة؟ ولماذا هبطت الطائرة على هذا البعد من المدرج؟ وما السبب وراء وجود جدار من الطوب في نهاية المدرج؟”، وهو الكلام الذي دعمه تريفور جينسن، مستشار الطيران الأسترالي الذي أشار إلى أنه من الطبيعي أن تكون خدمات الإطفاء والطوارئ جاهزة في حالة هبوط الطائرة بدون عجلات، ما يطرح تساؤلات بشأن الاستعدادات في هذا الحادث، أما وزير النقل الكوري جو جونع وان فقد فنّد ما قيل حول ضرورة غياب الجدارن في أطراف المدرجات وأوضح أن طول المدرج يبلغ 2800 مترا ولم يكن عاملا مساعدا في الحادث، كما أشار إلى أن الجدران في الأطراف تم بناؤها وفقا للمعايير الدولية لسلامة الطيران.

 

الرئيس المؤقت.. عُين بالجمعة واستيقظ الأحد على كارثة

ودعا القائم بأعمال رئيس الجمهورية تشوي سانغ موك إلى تعبئة جميع الإمكانيات لانتشال الجثث ومعرفة هويتها، وهو الذي تولى منصب القائم بأعمال الرئيس يوم الجمعة الفارط فقط، حيث تعيش البلاد على وقع اضطرابات سياسية كبيرة جدا، ذلك أنها صوتت قبل ثلاثة أيام لصالح عزل الرئيس المؤقت هان داك سو بعد أسبوعين فقط من تصويت البرلمان على عزل الرئيس يون سوك يول، وتولى رئيس الوزراء هان المنصب بعد عزل الرئيس يون من قبل البرلمان في أعقاب محاولته الفاشلة لفرض الأحكام العرفية في 3 ديسمبر الفارط، وكان من المفترض أن يقود هان البلاد للخروج من الاضطرابات السياسية، لكن نواب المعارضة قالوا إنه يرفض المطالبات بإكمال عملية عزل يون، وبذلك أصبح وزير الاقتصاد والمالية تشوي سانغ موك رئيس البلاد الجديد بالإنابة من يوم الجمعة وهذا بعد أسابيع فقط من عزل الرئيس يون سوك يول، وبينما تعهد الزعيم الجديد تشوي سانغ موك بإعطاء الأولوية للأمن القومي وسلامة الشعب، متعهدا ببذل قصارى جهده لتحقيق الاستقرار في إدارة البلاد، ووسط تنظيم جماعات مختلفة لمظاهرات مؤيدة ومناهضة للرئيس المعزول يون سوك يول، استيقظ البلد على وقع الكارثة الجوية التي حولت أنظار القائم بأعمال الرئيس إلى مدينة موان في انتظار قرار المحكمة حول مستقبل الرئيس المقال وما إن كان سيعود إلى منصبه مستقبلا.

 

تشوي سانغ موك: “كلمات العزاء لن تكون كافية لعائلات الضحايا”

ووجه تشوي سانغ موك تعازيه الخالصة لعائلات الضحايا، إذ قال في بيان رسمي: “يجب على جميع الوكالات ذات الصلة، تعبئة جميع الموارد المتاحة لانتشال  ركاب الطائرة المنكوبة، أعتقد أنّ كلمات العزاء لن تكون كافية للعائلات الثكلى التي ألمّت بها هذه المأساة”، وأضاف: “الحكومة بأكملها تعمل معاً بشكل وثيق للتعامل مع تداعيات الحادث، وتخصيص جميع الموارد المتاحة، مع بذل كل جهد لضمان الدعم الشامل للعائلات المتضررة بفقدان أهاليها”، للإشارة فإن ذات الرئيس المؤقت أظهر قبل يومين فقط قلقه الكبير حيال الوضع السياسي في البلاد وقال بعد تعيينه كقائم بأعمال رئيس الجمهورية: “ما كنا قلقين بشأنه أصبح حقيقة واقعة، إنها حالة طوارئ غير مسبوقة في تاريخ الدستور، إن عدم اليقين السياسي يهدد أمننا القومي، لقد حان الوقت الآن لبذل قصارى جهدنا لحماية الأمن القومي وشعب كوريا الجنوبية”، ويرى الكثير من المتابعين للشأن الكوري الجنوبي أن تشوي أمام فرصة ذهبية لأجل تقديم نفسه كمخلص للشعب الكوري باستغلال الأنظار الموجهة إلى بلده بعد حادثة الطائرة، فيما يرى آخرون أنه لا يجب استغلال آلام الآخرين من أجل تحقيق مآرب سياسية مهما كانت كبيرة في صورة منصب رئيس الجمهورية.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.