مجتمع

“حركـات عزيزة” امـرأة تتحدى المصـاعب لتتميز وتبدع بمجـال الترجمـة

نقيبـة الغرفـة الوطنية للمترجمين

تعد المرأة حلقة من الاصرار والعزيمة وهي تبحث عن ذاتها وتبرز مكانتها العظيمة في إبداعاتها وفرض وجودها في كل المجالات، فكل امرأة تتمتع ببصمة تخص محطّات حياتها، فهناك نوع من النساء من تكتفين بمهامهنّ المعتادة، ترعى شؤون بيتها وأخرى تؤدي مهامها الوظيفية مقابل راتب، دون أن تبرز قدراتها ومهاراتها.

وهناك نوع من النساء من تبحثن عن التميز وتطوير مهارتهن واجتهادهن لتؤدي دورا فعّالا في البحث العلمي والقيادة الأكاديمية والمؤسساتية أمام هذا الزّخم من تراكمات الحياة.

“حركات عزيزة” هي مثال للتحدي والإصرار على تحقيق الهدف، هي من مواليد 15 سبتمبر 1982 بمدينة عين امليلة، ولدت في كنف أسرة مثقفة وتقدس العلم والدين يعملان بقطاع التعليم، كافحوا من أجل النجاح وينتميان لجيل يقدس القراءة ويستمتع بالفن الراقي والهادف بكل طبوعه وأصوله، ما جعلها تنمو في جو  نقاشات فلسفية عميقة بين والديها، بينما كان  إلهامها الثاني وهو بيت جدها الذي كانت مولعة بالعلم و مصدر حب وحنان ومعرفة، فكانت تملك جدان يقدسان العلم رغم حرمانهما من الدراسة نظرا للوضع المزري للأهالي إبان الاستعمار وترحيلهم من مساكنهم وأراضيهم بالريف، حيث كان البيت يعج بالكتب والأشرطة الموسيقية والمجلات وكتب الأدب والحقوق والهندسة والاقتصاد والطب.

حصلت على شهادة البكالوريا سنة 2000 والتحقت بقسم الترجمة، تخرجت وعملت لفترة قصيرة بالتعليم الثانوي ثم عادت إلى الجامعة وحصلت على درجة الماجستير، لتلتحق التعليم الجامعي بجامعة ورقلة، ثم حصلت على اعتماد وزارة العدل للعمل بمجال الترجمة الرسمية عام 2011، وعادت إلى التعليم الجامعي سنة 2014، ثم قررت بعدها أن تعمل حصريا في مجال الترجمة.

لتتوقف ضيفتنا للحديث عن عملها في ميدان الترجمة بعد أن تلقيت تكوينا ممتازا بجامعة قسنطينة، وهي الآن تقوم بتكوين طلبة ومتخرجين من ميدان الترجمة واللغات الأجنبية، لترد بعضا من جميل هذا الوطن الذي وفر لنا مجانا ما تقدمه الدول الأخرى لطلبتها مقابل تكاليف باهضة.

مهنة الترجمة الرسمية التي تعد بمثابة ضابط عمومي ومساعد للعدالة، حيث أنها ليست بالمهنة اليسيرة ومن لم يخض غمارها على سبيل الممارسة قد يخطئ في تقييمها وإعطائها حق قدرها، فالترجمة ممارسة تقنية ثم فن، وصدق من قال أن الترجمة كالطب لا تصبح فنا إلا إذا تمكنت من تقنياتها.

“عزيزة حركات” تشغل اليوم منصب “نقيبة بالغرفة الوطنية للمترجمين والتراجمة الجزائريين” تناضل من أجل تحسين ظروف المهنة ودعمها بالأطر التنظيمية الكافية خاصة أن أسرة الترجمة ستتعزز بما يقارب 500 منصب مترجم على مستوى الوطن مما سيمنح تغطية أشمل وأوسع للخدمة العمومية في هذا المجال.

حصولها على هذا المنصب القيادي  كان أساسه الثقة التي وضعها في شخصي محيطها القريب، خاصة وأن أولى خطوات تكوين الشخصية القيادية هي التربية الإيجابية إضافة إلى تحميل المسؤولية للطفل بطريقة ذكية وبما يتناسب مع قدراته وتطوره العاطفي والنفسي.

هل نولد قياديون أن نصبح كذلك ؟ هو سؤال قد لا تسهل الإجابة عنه، ولكن منذ نعومة أظافرنا نلاحظ كيف أن بعض الأفراد يتميزون عن غيرهم بمزايا القائد المبدع.

“عزيزة حركات” هي أم لطفل يبلغ من العمر 8 سنوات إسمه  “أوراس”، وهو مولوع بعلم الفلك و المعارف الفلكية ومتفوق في اللغة الإنجليزية بعد أن لقنته بعض المبادئ البسيطة.

شخصيتنا القيادية تعمل دائما على التوفيق  بين العمل ومسؤولياتي كأم في عالم أصبح أكثر تطلبا، وشهر رمضان المعظم هو فرصتها السنوية من أجل التفرغ للمطالعة، لأن وتيرة العمل تتناقص فيه بشكل ملحوظ، وتظيف أنها لن تدعي أنها طباخة ماهرة، فيكفي أن ابنها يعتقد أنني أعظم “شيف” في العالم حتى ولو تعلق الأمر ببيض مسلوق.

“حركات عزيزة” ورغم نجاحها في عملها وسعيها الدائم لتطوير ذاتها ومكاسبها المهنية، يبقى استثمارها في ابنها أحسن المشاريع الاجتماعية على الإطلاق وتدعو كافة الأمهات، كونهم المدرسة الأولى للاستثمار في أبنائهن وتحضيرهم لعالم تغزوه التكنولوجيا والذكاء الاصطناعي بوتيرة جنونية وسيكون البقاء فيه للأذكى.

بن ستول.س

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.