هناك شبه زوبعة أثيرت في فنجان دروس الدعم أو الدروس الخصوصية دون أن يكون للموقف الرسمي لوزارة التربية الوطنية ذاك الوضوح الذي يضع القضية في نصابها الصحيح، وقد بدأ أولياء الأمور والأساتذة عبر مواقع التواصل الاجتماعي في تبادل ما يمكن وصفه “بالاتهامات” والتنصل من المسؤوليات وتحميل كل طرف الأسباب التي تقف وراء تفشي الظاهرة وانتقالها من مجرد ساعات إضافية اختيارية قد يلجأ إليها بعض التلاميذ للمراجعة والدعم والاستزادة خارج ساعات الدراسة النظامية، إلى ضرورة تُحتمها المستويات المتدنية لغالبية المتمدرسين الذين يجدون ضالتهم في تلك الدروس بصفاتها الفردية والجماعية، حيث أن هناك من يشير بأصابع التقصير للأساتذة في المؤسسات التربوية العمومية والخاصة وهذا ما دفع بالتلاميذ إلى اللجوء إليهم خارج أسوارها للظفر بالدعم اللازم والشروحات التي لا يمكن أن تتوفر داخل المدرسة لضيق الوقت وطول المناهج وغير ذلك من الأسباب التي تقف حائلا دون فهم واستيعاب الكثير ممن تُعتبر الدروس الخصوصية حلا بالنسبة لهم وليس مشكلة مطروحة في الأساس، وربط العلم بتجارة غير متكافئة الأرباح كما هو ملموس في النتائج التي أجمع المختصين في التعليم أنها لا تتماشى مع ما يُقدم من مجهودات وما يتوافر من وسائل متعددة ومتنوعة على عكس السنوات السابقة والأجيال..
ولا خلاف في كون الدروس الخصوصية هي نتيجة حتمية للمشاكل المطروحة على مستوى المنظومة التربوية والمناهج والحجم الساعي وتعدد المواد، بالإضافة إلى الظلم والتهميش والإجحاف الذي يعاني منه الأستاذ في الجزائر ماديا ومعنويا مقارنة مع الدول التي تضعه في قمة المراتب المهنية ليحظى بأعلى الرواتب والرتب ولكونه مقياس تقدم الدول والحضارات أو تأخرها، وهناك شبه حرب مُعلنة على هذه الفئة مع ترصد ما شذّ من مخالفات وتجاوزات قد يمارسها البعض كممارسات معزولة لا تمثل بأي حال جميع العاملين في قطاع التربية والتعليم ولا يمكن تعميمها أيضا، وكذلك الحال بالنسبة لسلوكيات بعض التلاميذ ففي كل تعميم ظلم لطرف مُعين..
واهتزاز ثقة أولياء التلاميذ أنفسهم بالمدرسة الجزائرية شجع على ظهور التعليم “الموازي” ما يعني أنه لو تم فعلا توقيف الدروس الخصوصية فإنهم سيتحايلون من أجل أن يتلقاها أبناؤهم في السر وهذا ما سيخلق من جهة أخرى تعقيدات أكبر مما هو ظاهر من مشاكل مطروحة اليوم، لهذا فإن القضية بحاجة إلى تدابير إصلاحية شاملة لجودة التعليم وراحة المعلم وعلى الوزارة احتواء الظاهرة وتنظيمها وتقنينها وفق ما تقتضيه مصلحة التلميذ وأن استعادة “الثقة” ستكون الخطوة الرابحة من أجل الألف ميل القادمة.
سماح خميلي