
يكتوي القصر الملكي في المغرب بالنار التي جمع حطبها على مدار العقود الأخيرة وأراد إشعال المنطقة بنيرانه تارة، وسمومه تارة أخرى وعبر أبواقه أحيانا، تنفيذا لأجندات غريبة عن الساحة الإقليمية يتقدمها الكيان الصهيوني الباحث عن أي موطئ قدم في قارة النضال والمقاومة، في الوقت الذي تؤكد فيه جميع الاستنتاجات أن الاستمرار في اللعب بالنار سيأتي على إحراق أصابع القصر والعرش، وعلى نفسها جنت “مراكش”.
عبد الرحمان شايبي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
اختار “أحرار” الريف في المغرب، الجزائر لعقد ندوتهم الأولى حول جمهورية الريف بعدما اعتادوا على تنظيم مثل هذه الفعاليات من قلب أوروبا، ويأتي تنظيم الفعالية من أرض الجزائر باعتبار الأخيرة بلد جار للجمهورية التي تم طمس معالمها تحت قوة الاحتلال، وثانيا لما عُرف عن تاريخ البلد المضيف كمهد للأحرار وحاضنة لنضال الشعوب الذي تكفله المواثيق والأعراف الأممية، فيما يأتي أهم سبب وراء تنظيم ندوة الجزائر قناعة من أبناء الريف أن موعد استرجاع وطنهم المسلوب قد حان، وأن الفعاليات القادمة ستكون أقرب، إن لم تكن من قلب الديار في الريف “المستقل” مثلما قال رئيس الحزب الوطني الريفي السيد يوبا الغديوي في كلمته أمام الحشود الرسمية التي حضرت هذه الفعالية “التاريخية”.
وتُعد الخطوة التي أقدم عليها الحزب الوطني الريفي بمثابة آخر مسمار تدقه الشعوب الثائرة في نعش المخزن المنهار بعد كل “التأبين” الذي لقيه القصر تحت ضربات الجمهورية الأخرى الصحراء الغربية في الملاعب السياسية والعسكرية إضافة إلى ميادين القضاء الذي انتصر لحق الشعب الصحراوي في بسط يده على ثرواته وخيراته الطبيعية، آخرها قرارات المحكمة الأوروبية التي تعدى تأثير زلزالها أركان العرش في الرباط إلى “عصابة” أصدقاء المخزن الذين اعتادوا غصب وسلب حقوق غيرهم، تتقدمهم فرنسا الماكرونية على خط النهب والسرقة الموصوفة.
ويدافع أبناء الريف عن قضيتهم بكون جمهورية الريف كانت قائمة منذ 1921 حتى 1926 معتبرين إياها أول جمهورية تنال الاستقلال في شمال إفريقيا بفضل الكفاح الطويل والمرير الذي قاده مؤسسها القائد الرمز عبد الكريم الخطابي قبل الانقلاب على الجمهورية منتصف القرن الماضي بتواطؤ استعماري فرنسي ـ علوي حسبما قال ذات المتحدث.
وشرح يوبا الغديوي بإسهاب أن شعب جمهورية الريف لا يطالب بالانفصال أو الاستقلال عن المغرب لأنه لم يكن يوما طرفا في هذا النسيج الاحتلالي، وإنما يطالب باسترجاع الاستقلال الذي طمسه محتل مغربي ـ علوي بإيعاز وترتيب من فرنسا الاستعمارية سنة 1952 وحان وقت “استرداده”.
وتضع انتفاضة جمهورية الريف السياسية التي علا صوتها مؤخرا في مختلف أصقاع العالم عرش الرباط بين فكي كماشة ما فتئت تضيق على رقبة المخزن أمام ما حققته قضية الجمهورية الأخرى الصحراء الغربية في ظل انتصارات أممية وإقليمية وتأييد دولي قلب مخططات المخزن رأسا على عقب.
ولا تنتهي متاعب القصر عند هاتين الجبهتين فقط، بعدما انتفض الشارع في كامل ربوع المملكة إما ضد الإطار المعيشي المزري، وإما ضد عار التطبيع الذي ألحقه العرش بالبلاد، وجعل من المملكة سوق نخاسة سياسية يمتطيها الكيان وقتما يشاء ويقودها حيثما شاء، وما رسو السفينة المحملة بالسلاح لإبادة الفلسطينيين الأبرياء العزل بميناء طنجة بعدما رفضتها السلطات الإسبانية سوى قليل من تفاصيل عقد “الزواج” الصهيوني بحكام المملكة المغربية وهو القران الذي لم يعد خفيا على أحد داخل وخارج تراب المملكة.
هذا، وقد انطلق أول لقاء للحزب الوطني الريفي خارج أوروبا أول أمس بالجزائر العاصمة تحت عنوان “جمهورية الريف وحق استعادة الاستقلال”؛ حيث عرف اللقاء مشاركة لافتة يتقدمها الوزير المنتدب في حكومة جنوب إفريقيا ورئيس حزب الجماعة وعديد الأحزاب السياسية المساندة لقضية الريف من دولة الموزمبيق وممثلين من جمهورية الصحراء الغربية وأحزاب سياسية من الجزائر وكذا نواب برلمانيين.
ودعا الغديوي مختلف الفاعلين على مستوى القارة الإفريقية إلى “تبني موقف يعتبر أن الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية وجمهورية الريف آخر مستعمرتين في إفريقيا وأنهما جرحان في جسد القارة، لا يلتئمان إلا باستقلالهما”.
كما أبرز ضرورة “الوقوف مع الشعب الريفي الذي يعاني من إبادة ممنهجة من قبل النظام المغربي”.
ومن المتوقع أن تعرف قضية جمهورية الريف تفاعلا إقليميا ودوليا زيادة عن الزخم الذي تنتزعه القضية من الأوساط الأوروبية ما سيشكل صداع “قاتل” في رأس المخزن الذي يعاني أصلا من كافة الأمراض والأعراض الخبيثة التي جلبها إلى نفسه مع استقدام رموز الكيان الصهيوني إلى المنطقة تحت مسمى التطبيع والتطلع إلى المستقبل، غير أن القرار الأخير للمحكمة الجنائية في لاهاي في حق رئيس حكومة الكيان بنيامين نتنياهو، ووزير حربه السابق يوآف غالانت بوصفهما “مجرمي حرب” ومتهمين بارتكاب جرائم إبادة ضد الإنسانية يعري حقيقة أصدقاء و”أحباب” المخزن والمعدن الذي تنحدر منه شلّة شركائه.