
جمـع البلاستيـك.. مـأوى الأطفـال الفقـراء لكسب القوت الحلال
تتراكم على قارعات الطرق والشوارع الكبرى ومختلف المنافذ في المدينة، أجسام صغيرة بعقول وإرادة فلاذية ضخمة، لأطفال يتقاسمون الألم والمعاناة من الفقر والحاجة لجمع قارورات البلاستيك وكل المواد الموجهة للبيع وإعادة الاستهلاك، لكسب قوتهم وتغطية مصاريفهم وتكاليف دراستهم خاصة مع اقتراب الدخول الاجتماعي.
وفي مدينة باتنة تحديدا، تتزايد ظاهرة جمع البلاستيك وشتى المواد الموجهة للتدوير من طرف الأطفال الذين يبذلون جهودا كبيرة جدا وسط درجات حرارة مرتفعة وطيلة يوم كامل من السير والبحث عن هذه المواد التي تمكنهم من توفير بعض المال لاقتناء ملابس الدخول المدرسي المقبل، أو تغطية مصاريف عائلاتهم المحتاجة، وسط صمت رهيب من دعاة الدفاع عن حقوق الطفل الذين يظهرون فقط في المناسبات، حيث تتراكم أجسام هؤلاء الصغار في وسط الطريق وهي تهم بالبحث داخل أكياس القمامة وحاوياتها لنيل القارورات الممكنة التي يتم بيعها للأشخاص المهتمين بذلك والذين يقومون بدورهم بتوجيهها للمصانع التي تعيد تدويرها وتوجهها للاستهلاك.
وبالرغم من المبالغ المتواضعة جدا التي يحصل عليها هؤلاء الأطفال طيلة يوم كامل من البحث والجمع، والسير تحت درجة حرارة عالية، إلا أنها تبقى أموالا شريفة وذات نكهة خاصة جدا تعكس عمق المعاناة التي يعيشها هؤلاء الأطفال الذين يتحاشون الدخول في متاهات الحرام ويبحثون عن كل السبل الممكنة مهما كانت شاقة ومرهقة فقط لكسب عيشهم بالحلال واقتناء ما يريدون دون سؤال أحد أو طلب المساعدة والشفقة من أي شخص، وهي المسؤولية التي يتعلم هؤلاء حملها مبكرا على عاتقهم بسبب الظروف المعيشية الصعبة التي وجدوا فيها، لذلك هم غالبا ما يكونون رجالا أقوياء وأشاوس وشجعان لا ترهبهم القساوة مهما كانت ولا يتعبهم العمل إذا ما كان المكسب حلالا، عكس الآلاف من المحتالين والنصابين الذين يتخفون تحت غطاء ربطات العنق والمنصب.
من جهة أخرى، تبقى هيئات المجتمع المدني في الولاية مشغولة بالتطبيل والتهليل للمسؤولين دون إيلاء أي أهمية لأهدافها الحقيقية التي وجدت من أجلها، خاصة بعد شعاراتها الجوفاء بخصوص انقاذ الأطفال من العمالة وتقديم يد المساعدة ودعم العائلات والأطفال المحتاجين، وهي جميعها مجرد أوهام تسوقها بعض الجمعيات التي تحمل غطاء خيريا للتسابق نحو تحقيق المصالح الشخصية والوصول لمناصب ومكاسب خاصة لا غير، فيما يواصل الأطفال الصغار أبناء العائلات الفقيرة والمحتاجة جولاتهم في الشوارع والطرقات يبحثون في المزابل والقمامات لجمع قارورات البلاستيك التي أصبحت تشكل كنزا بالنسبة لهم في ظل كل المعاناة والحاجة التي يعيشونها يوميا.
فوزية. ق