
يبدو أننا بحاجة اليوم لإعادة استحضار إحدى قصص جحا، حيث أن الأخير قد خرج مرة إلى الغابة مع رفاقه في رحلة تخييم، وعندما وصلوا إلى المكان المقرر التخييم فيه، اتضح لهم بأنهم بحاجة إلى بعض الأغصان اليابسة لإشعال النار بهدف القيام بعديد الأعمال منها الطهي ومنها التدفئة إلى غير ذلك، وإرساء للعدل فقد اهتدوا إلى ضرورة إجراء قرعة لتحديد من يقوم بجمع الأغصان أولا، فأفرزت القرعة اسم جحا، وبالفعل، فقد تنقل جحا إلى مكان قريب وأخذ معه حبلا طويلا وقام بلفه حول مجموعة من الأشجار، وعندما افتقده أصدقاؤه بادر أحدهم إلى الوقوف والبحث عنه للاطمئنان عليه، لكنه تفاجأ بجحا وهو يلف الحبل حول عدد معتبر من الأشجار، فسأله عما ينوي فعله، وأجاب جحا قائلا بأنه يحاول جلب كل تلك الأشجار كي لا يضطر أصدقاؤه للتنقل في كل مرة من أجل جلب الأغصان، فتعجب صديق جحا من “تضحية الأخير” وأخبر البقية بذلك فسرتهم مبادرة جحا وقرروا إعفاءه من كل “الأعمال المقرر القيام بها طوال الرحلة” نظير “مبادرته الطيبة”، ولم يعلموا بأن ما قام به جحا مجرد حيلة من حيله “الخبيثة” للتهرب من القيام بمهامه من جهة ولنيل الثناء من جهة أخرى.
ما يحدث في ولاية باتنة هذه الأيام شبيه إلى حد بعيد بما حدث مع “شلة جحا”، حيث أن “بعض الأطراف” وتحديدا “بعض المسؤولين” قد بلغتهم معلومات من مصادرهم في “مؤسسات معينة” من مؤسسات الدولة تفيد بأن الولاية ستستفيد من بعض “القرارات” التي تم اتخاذها من طرف الحكومة، بناء على إلحاح سكان الولاية وبناء على نداءات المواطنين الذين فعلوا المستحيل كي تتخذ هذه القرارات، وراحوا أي المسؤولين يروجون “لإشاعة أنهم تقدموا بطلب للسلطات المعنية” من أجل اتخاذ هذه القرارات، غير أن مواطني ولاية باتنة ليسوا أغبياء “كجماعة جحا”، بل إنهم تفطنوا إلى أن هناك محاولة “لركوب موجة القرارات” من طرف أشخاص أو بالأحرى من طرف مسؤولين كانوا طوال سنوات “كالدمى والتماثيل” ولم يتقدموا بأي طلب ولم يقوموا بأية حركة في صالح الولاية، لكن، وعندما تحركت السلطات العليا في البلاد واستجابت “لشكاوى وانشغالات السكان” التي رفعوها عبر مختلف وسائل الإعلام وقنوات الاتصال المتاحة لم يجد هؤلاء المسؤولين من طريقة ينسبون بها “الجميل” لأنفسهم سوى “الإدعاء” ونشر الإشاعات وتسويقها عبر “المتملقين” و”الشياتين” الذين تعودوا على “تلميع صور أسيادهم”، وفي هذا المقام، لم يجد بعض المواطنين ما يعلقون به على الأمر سوى القول “ياو فاقوا”.
سمير بوخنوفة