العمود

ثمانون عاما يا فرنسا ولن ننسى

لكل مقام مقال

بحلول هذا اليوم من العام الجاري يكون قد مر ثمانون عاما عن المجازر الوحشية التي ارتكبتها فرنسا الاستعمارية ضد المدنيين العزل من الشعب الجزائري الذين احتكموا إلى الشوارع لإجبار فرنسا على الوفاء بعهودها بعد انتصار الحلفاء على ألمانيا، حيث انتزع منظموا تلكم المسيرات الكبرى ترخيصا رسميا للخروج للاحتفال بينما الأهداف كانت مُبيتة لتوجيه المسيرة نحو مطلب الاستقلال والحرية وهو ما بدأ بترديد أناشيد وطنية وهتافات أربكت الجهات الأمنية للعدو وكل المعمرين الذين كانوا شهود عيان على الانقلاب الذي حوّل مسيرة سلمية إلى مجازر توالت بعد ذلك وقد كانت المسيرة تتقدمها الكشافة الإسلامية بزيها الرسمي وأوشحة على أعناقهم تمجد “الأخضر والأبيض والأحمر” وقد وقع الخيار على الشاب “سعال بوزيد” لحمل الراية الوطنية والمضي قدما لإعلان الموقف الشعبي والسياسي الحركي إزاء الوجود الفرنسي في الجزائر وبكون الاستقلال مطلب لا رجعة عنه ولا مفاوضات..

وتبدأ نقطة الانعطاف التاريخي بمحاولة الضباط الفرنسيين نزع الراية من يدي “سعال بوزيد” الذي كان متشبثا بها وبحلم الحرية ولم يستسلم رغم سقوطه وجره على الأرض لترتقي روحه شهيدا على يد الضابط الذي فشل في مهمة تدنيس الراية الوطنية بيده الملطخة بدماء الأبرياء..

وقد كانت حادثة إطلاق النار على الشاب “سعال بوزيد” الشرارة التي ألهبت الشارع في حالة من التدافع والفوضى وبدلا من احتواء الأوضاع فإن أوامرا بإطلاق النار وتصفية المتظاهرين بوحشية إجرامية ظلت تنتقم بهمجية تفضح الأحقاد الفرنسية ومحاولات الإبادة الجماعية بحق الجزائريين والتي ما تزال تلاحق فرنسا إلى اليوم بمطلب الاعتراف “بمحرقتها” ضد الشعب الجزائري الأعزل والاعتذار وتقديم تعويضات كما هو حال جميع مجرمي الحروب..

وعلى الرغم من مرور ما يدنو على قرن من الزمان منذ حوادث الثامن ماي من عام 1945 إلا أن العدو التاريخي للجزائر يصر على إنكاره وجحوده والتحايل على التاريخ تحت دعاوى معاهدات الصداقة والمصالح المشتركة ونسيان الماضي مع أن تلك المجازر أسفرت عن الآلاف من الشهداء الذين يربو تعدادهم عن الخمس وأربعين شهيدا خلال الفترة الممتدة ما بين الثامن والأربع والعشرين من شهر ماي ما يدل على أن هناك إصرار على قتل وترويع الجزائريين من أجل ثنيهم على مطلب الاستقلال والحرية في حين لم تكن هذه المجازر سوى وقودا للتخطيط لثورة التحرير الكبرى ونيل الحرية والإطاحة بأكذوبة الجيش الذي لا يُهزم بفضل أبناء الجزائر وأبطالها الذين التحموا مع الشعب وأخرجوا فرنسا صاغرة أذلّة جنودها وعملاءها ولم يبق لها من أثر سوى تاريخ يُروى وجرائم قيد المتابعة إلى أن ننتصر للشهداء أو نموت دون ذلك.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.