في غمرة مواجهتنا للمشاكل اليومية المتعلقة بنظافة المحيط ورفع القمامة والتي تحولت إلى انشغال شعبي كثيرا ما يثير الاحتجاجات، خاصة في حال عدم الاستجابة للمطالب الموجهة للمؤسسات المعنية لتبقى الأحوال على حالها أياما دون اكتراث من أي طرف أو جهة، فإن أصابع اللوم كثيرا ما تقع على عمال النظافة لكونهم حسب ما هو رائج من شكاوى لا يقومون بواجبهم المهني على وجهه الأكمل، وهذا ما ساهم من جوانب عدة في انتشار القمامة في أحياء مدينة باتنة وشوارع الولاية وأحيائها على العموم، وقد أصبح الانتشار الغريب للقمامة في الآونة الأخيرة مثيرا للجدل والتساؤلات الموجهة للمعنيين بها..
وتوجيه كل اللوم لعمال النظافة فيه نوع من الظلم المسلط على هذه الفئة مسلوبة الحقوق والتي يتم تعتيمها بأساليب ملتوية للتملص من واقع مرير يعانون منه كتضخيم الألقاب والمراهنة على الشكليات، بينما هم يعانون من أبسط الوسائل الواقية والمُعينة على الأداء الحسن والاحترافي لعملهم الذي يتطلب وفرة في الإمكانيات من شاحنات حديثة وألبسة وتجهيزات تُسهل عليهم العمل وتضمن بالمقابل السرعة والتغطية الشاملة لجميع الأحياء، فالنظافة لا يمكن حصرها في حي دون آخر كخدمة استثنائية لكونها ضرورة يقتضيها التخلص اليومي من الفضلات والأوساخ والمخلفات المختلفة، وقد لاحظنا أن قلة الإمكانيات تُربك عمال النظافة إلى درجة أنهم يقومون بالتنظيف ويكوّمون ما تم جمعه من نفايات في مختلف الأماكن دون أن تتوفر شاحنة للرفع ثم ينصرفون إلى حال سبيلهم لتتناثر الأوساخ نفسها بفعل عوامل الطبيعية والبشرية وتتكرر العملية بنوع من (اللامبالاة) التي تستفز سكان المدينة ليدخلوا في صدامات أحيانا مع العمال الذين يؤكدون أنهم غير مسؤولين وأن على السكان التوجه بشكاواهم إلى البلدية ومؤسسات النظافة أو أي جهة يمكنها حل قضية ما كانت لتُطرح لو أن عامل النظافة تم تزويده بكل ما يلزم لأداء عمله وحينها فقط وفي حال التقصير يمكن محاسبته بما يقتضيه القانون..
وتوجيه عمال النظافة لأداء عملهم دون وسائل وشاحنات لرفع النفايات من أغرب ما يمكن متابعته من ظواهر تميز الولاية عن غيرها من المدن الجزائرية وإن تشاركت الظاهرة مدن عدة تتخبط في ذات الأزمات والمشاكل، وكما أنه لعامل النظافة واجب عليه القيام به فإنه لن يستقيم الوضع ما دامت حقوقه مسلوبة ومعدوم الوسائل، لأنه من السهل الإشادة بعبارة “مهندسي النظافة” في كل مناسبة رسمية تمجد الشعار في حين أن الواقع مؤسف وبحاجة إلى التفاتة فعلية ودعم في الميدان.
سماح خميلي