
تميـــــــــــز وتفـــــــــــــرد دبلـــــــــــــــوماسي
الجزائر تنهي رئاستها لمجلس الأمن الدولي بنجاح واقتدار
أتمت الجزائر العضو غير الدائم بمجلس الأمن الدولي الرئاسة الدورية للمجلس وسط تقدير دولي للمجهودات التي بذلتها طيلة رئاسة الهيئة وعلى مسار النقاش الذي ساد أغلب الاجتماعات رغم حرارة الملفات المعروضة، وإلى كل ذلك كللت الجزائر رئاستها لأعلى هيئة في العالم بأن أعادت النقاش حول أولويات المجلس والضرورة الملحة على إصلاح الأمم المتحدة بما يحقق التوازنات الإقليمية ويحافظ على مكاسب جميع المنضوين تحتها.
عبد الرحمان شايبي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أعادت الجزائر بمناسبة رئاستها الدورية لهيئة مجلس الأمن الدولي دور “التلميذ المثابر” لهذه الهيئة أمام الحجم الساعي الأعلى من نوعه الذي استهلكته رئاسة الجزائر في تقليب الملفات وتدوير النقاشات التي شملت الأركان الأربعة للعالم حتى وإن بدت قضية فلسطين الجوهر من تولي الرئاسة في هذه الهيئة الأممية الهامة.
وتفرّدت الدبلوماسية الجزائرية في فتح أكثر من ملف شائك على طاولة نقاش المجلس دون الاصطدام بتناقضات الأعضاء، حيث لم يسبق وعلى غير العادة أن انتهى اجتماع واحد في عهدة الجزائر إلى التأجيل أو الافتراق على خلافات الأعضاء المتباينة رغم حساسية ما تم فتحه وما أثير من نقاش تقدمته حرب الإبادة الجارية في فلسطين وسط صمت دولي أدانته الجزائر مرارا وتكرارا.
وتعدى التميز الجزائري في تناول الملفات لتناول قضايا هامة منها الأزمة في ليبيا التي شهدت بفضل رئاسة الجزائر قرارا تاريخيا في تحرير الأصول المالية الليبية وكذا الأزمة في السودان ولبنان وكولومبيا، وسوريا واليمن، مثلما أسست الجزائر في رئاستها المجلس لعلاقات جديدة كليا بين الأمم المتحدة والعالم العربي من جهة، ومن جهة أخرى بين الأمم المتحدة وإفريقيا، أين أحسنت الجزائر رفع “مظالم” القارة إلى المجتمع الدولي وتفردت في دعوة الإنصاف التاريخي الذي لم يعترض عليه اي عضو من داخل بيت القرار الأممي.
وتطرقت الجزائر على لسان مندوبها الدائم لدى الأمم المتحدة السفير عمار بن جامع إلى أمهات القضايا العالمية الراهنة سيما حرب العدوان التي قادها الكيان على قطاع غزة خارج جميع الشرعيات الأرضية والشرائع السماوية، مثلما تطرقت الجزائر إلى ملفات أعمق قادها وزير الخارجية والجالية الوطنية بالمهجر السيد احمد عطاف، آخرها اجتماع أممي رفيع المستوى حول ظاهرة الإرهاب التي تعصف بالقارة الإفريقية وكيفية التصدي للظاهرة من خلال تبني مقاربة جزائرية تقوم على عاملي فرض الأمن وتحريك التنمية.
ولقيت الجزائر في كل هذا ثناء وتقديرا من كافة أعضاء مجلس الأمن ومن داخل أروقة الأمم المتحدة التي اعتبرت حضور الجزائر أشغال المجلس بمثابة صوت العقل والإنسانية الرامي إلى إيجاد عالم يقوم على التعاون والتضامن وليس على الاستعلاء والكفر بوجود الآخر.
ونجحت الدبلوماسية الجزائرية في رص الصفوف وسط المجموعة الدولية التي وقفت إلى جانب مخرجات القرارات التي قدمتها الجزائر وأيدتها بالمطلق بما فيها تلك التي تناولت حرب الإبادة والتهجير في فلسطين رغم تباين مواقف أصحاب حق النقض.
ولم ينحصر أداء الدبلوماسية الجزائرية عند أمهات القضايا بقدر ما تعداها إلى تقليب خارطة المستقبل العالمي عبر الدعوة الملحة إلى إصلاح الهيئات الأممية الكبرى، ومنها المجلس، بما يضمن الاستقرار والتوازن الدولي وبما يعود على الإنسانية التي تتخذ منها هيئة الأمم المتحدة عنوانها الوجودي بالحياة في كرامة واطمئنان وسلم حقيقي يقوم على التعايش بين الشعوب والاحترام بين الدول والكيانات، والتضامن الأممي وقت المحن والأزمات الجارفة.
وقبل ذلك حافظت الجزائر على دورها المحوري تحت مظلة مجلس الأمن الدولي بصفتها عضو غير دائم 2024/2025 حيث رسمت أهدافا واضحة لمسارها بهذه الهيئة وانحيازها التام لقضايا الشعوب والسلم العالمي، وهو ما عكسته الإشادة التي حظيت بها من طرف الأعضاء في اختتام رئاستها الدورية للمجلس وعزمها المضي قدما في عملية طرق الأبواب حتى يتم الإصلاح المأمول للهيئة التي يقع على عاتقها ضمان السلم والأمن الدولي.