العمود

تعقّل الطلبة فتمرد التلاميذ

وجب الكلام

بعد ثلاثة أشهر من الإضراب بطريقة سلمية، وبعد ثلاثة أشهر من المناداة بمطالب أغلبيتها مشروعة وممكن تحقيقها، رضخ طلبة العلوم الطبية للأمر الواقع في أغلبية ولايات الوطن وسلموا بضرورة العودة إلى مقاعد الدراسة، وهذا رغم تعامل الوصاية معهم بفوقية ورغم الإهانات التي تلقوها من الإدارة ممثلة بمسؤولين، ومن الأساتذة وحتى من أعوان أمن، على غرار قيام أستاذة بسب وشتم طالب بكلية طب في إحدى الولايات، وقيام عون أمن بالتعدي بالضرب على طالب بكلية في إحدى الولايات أيضا، وبعد كل هذا، رجحت النخبة كفة “العقل” فتم تعليق الإضراب دون تحصيل أي من الحقوق التي طالبت بها، ودون حتى “مبادرة” لرد الاعتبار من طرف الوصاية.
في المقابل، خرج مئات التلاميذ على مستوى الوطن إلى الشارع، ورفضوا الالتحاق بمؤسساتهم بحجة أنهم مضربون احتجاجا على البرنامج المكثف، والجدير بالذكر أن هذا الإضراب أو الاحتجاج قد تحول في بعض الولايات إلى شغب، وهو ما دفع بالوصاية لأن تدق ناقوس الخطر فخرجت عديد مديريات التربية على مستوى الوطن لتستجدي الأولياء وتتودد إليهم وتطالبهم بحث أبنائهم على العودة إلى الدراسة، نفس الشيء بالنسبة لبعض الفعاليات على غرار جمعيات أولياء التلاميذ في عديد الولايات، والتي خرجت لتستعطف الأولياء وتحاول إقناعهم بأن التلاميذ قد باتوا لعبة بيد أطراف تريد خلق البلبلة وتسعى للضغط على الوصاية وحتى على الدولة ككل بعد أن شرعت السلطة في حملة القضاء على ظاهرة الدروس الخصوصية في المدارس الخاصة، وما هي إلا ساعات حتى خرج وزير التربية الوطنية وأدلى بتصريح قال فيه بأن الوزارة ستعيد النظر في توزيع البرامج الدراسية وتخفيف حجم الدروس في الطورين المتوسط والثانوي.
ما نلاحظه، هو أن هناك فرقا في تعامل الوصايا مع طلبة العلوم الطبية ومع التلاميذ، حيث تم تجاهل الطلبة كنخبة واعية مطالبها مشروعة، بل وتمت إهانتها في الكثير من الولايات وتم التقليل من شأنها من خلال التعامل معها بفوقية وعدم إتاحة ما يكفي من فرص الحوار بينها وبين الوصاية، لكن، تحركت الوزارة وتحركت كل الفواعل عندما خرج التلاميذ إلى الشارع، وهنا نرى بأن هناك خللا في “تسيير الأزمات” من قبل مختلف الوصايا في بلادنا، حيث تتم الاستجابة ويتم التحرك لاحتواء الوضع عندما يتعلق الأمر بالشغب، لكن، يتم تبني أسلوب “الصمت العقابي” عندما يتعلق الأمر “بالاحتجاجات السلمية”، وهذا أمر خطير إذيراد ترسيخ فكرة أن الشغب و “الحس” أكثر أداة فعالية لتحصيل الحقوق.

حمزه لعريبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.