
كنا قد استبشرنا خيرا بانقضاء زمن العصابة، وكنا قد استبشرنا خيرا بقرارات رئيس الجمهورية وخطاباته التي تدعو للتفاؤل والتطلع لجزائر جديدة، واستبشرنا خيرا بالإطارات اللذين عينهم كمسؤولين على مختلف المؤسسات في الدولة، وكنا قد تفاءلنا بقدوم ما هو أفضل لبلادنا في كل المجالات، حتى أننا استبشرنا خيرا بتحسن الأوضاع في قطاع الإعلام وقلنا بأن “أسوار الاحتكار” ستهدم وتصبح مؤسسة التلفزيون العمومي ملكا لكل الجزائريين ومؤسسة يمكن لكل خريج جامعي أن يحلم ويطمح إلى العمل ضمن طاقمها دون الحاجة لأن يكون “متملقا” ودون الحاجة لأن يكون “من الأقربين”، وكنا قد استبشرنا خيرا وقلنا أنه من الممكن أن تصبح الكفاءة معيارا للتوظيف في المؤسسات الإعلامية العمومية لكن الذي حدث قد نسف اعتقادنا بمستقبل أفضل لقطاع الإعلام في الجزائر، الذي حدث هو أنه قد ضرب كل ما جادت به معاهد وأقسام الإعلام والاتصال في الجزائر من خريجين جامعيين وإطارات وكفاءات عرض الحائط وتم اختيار “خياطة” لتنشيط برنامج تلفزيوني، مع كل الود والاحترام للخياطات اللائي يعملن بجد لكسب لقمة العيش، والذي حدث هو أنه قد ضربت كل المثقفات في الجزائر وصاحبات المبادرات الفكرية والاجتماعية والانسانية والأدبية عرض الحائط وتم اختيار “عارضة يوميات” لتقديم برنامج تلفزيوني رمضاني، والذي حدث هو أنه قد تم تجاهل “أبناء الزوالية” من “المتعلمين وأصحاب الشهادات” وتم اختيار “صاحبة الملايين إن لم يكن المليارات” لتعين نفسها “بشهرية من عند الدولة”، والذي حدث هو أن المسؤولين في مؤسسة التلفزيون العمومي قد احتكموا للشعبية في التوظيف وقرروا تعيين “جامعة الإعجابات والتفاعلات” لتقديم برنامج تلفزيوني على حساب “محصلي الشهادات والمؤهلات”، والذي حدث هو أن التكوين الجامعي والأكاديمي لخريجي أقسام الإعلام والاتصال والذي يسمح لهم بمزاولة “مهنة الصحافة” قد ضرب عرض الحائط وأسيء للصحافة بتوظيف دخلاء عليها وفرش لهم الطريق إلى التلفزيون العمومي بالورود فيما زرعت أشواك في طريق كل “شاب تكون بهدف أن يكون صحفيا”، وإنه لمن العيب بل ومن العار أن يجد من لا علاقة له بالصحافة نفسه صحفيا بين ليلة وضحاها ويصطدم من وضع نصب عينيه حلم أن يكون صحفيا بحقيقة أن لا مكان له في مؤسسة كانت ولا زالت “حكرا على فلان وفلتان، “تعالوا نشمع معاهد وأقسام الإعلام والاتصال ونفتح قنوات على “اليوتيوب”، تعالوا “نتعلم الخياطة ونصمم الأزياء”، تعالوا نغمس وجوهنا في “الفرينة” ونأخذ صور سيلفي وندعي مواكبة الموضة، تعالوا نعرض حياتنا اليومية “لعشاق التوقاب”، تعالوا “لنتمهبل”، تعالوا نقول أي شيء، تعالوا نفعل أي شيء، ربما هذا أسهل من “مزاولة الدراسة في الجامعات والمعاهد” وربما هذا أسهل لنحظى بفرصة في مؤسسة إعلامية عمومية، تعالوا “نتبع الطريقة الرياوية” علنا نصبح صحفيين.
عبد العالي بلحاج