
راهن جميع الولاة الذين تعاقبوا على ولاية خنشلة على تفعيل المناطق الصناعية ومناطق النشاطات المنتشرة عبر بلديات الولاية، وعلى الرغم من الزيارات الماراطونية لهؤلاء المسؤولين، فإن هذه المناطق لم تشهد أي تطور يُذكر.
المثير للدهشة أن كل الولاة السابقين تعهدوا بإخراج هذه المناطق من وضعها المتردي، واطلعوا على ملفاتها، مؤكدين التزامهم بتفعيلها من جديد بهدف استقطاب اليد العاملة والتخفيف من حدة البطالة، لكن رغم تلك الوعود، ظلت هذه المناطق على حالها، متسمّة بالركود وغياب أي حركة صناعية توازي المساحات الشاسعة التي تشغلها وبدلاً من أن تتحول إلى مراكز إنتاج، أصبحت مناطق النشاطات مجرد مواقع لتخزين مواد البناء ويرى متابعون أن العديد من المشاريع التي أُنجزت مؤخرا، لا سيما في البلديات، تقتصر على الطابع الخدمي بدلاً من الإنتاجي وهو ما يثير التساؤلات حول جدوى استمرار حالة الجمود، خاصة مع وجود توجيهات مركزية تدعو لتفعيل الاستثمار المنتج القادر على خلق الثروة ومناصب الشغل.
الانتقادات لم تقتصر على نوعية المشاريع، بل شملت غياب رؤية واضحة للاستفادة من الإمكانات الهائلة للولاية، فبدلاً من التركيز على مشاريع إنتاجية حقيقية، أصبحت المشاريع الخدمية مثل الفنادق تتكرر بشكل كبير، ما دعا العديد إلى المطالبة بضرورة إعطاء الأولوية لمشاريع إنتاجية قادرة على تعزيز الاقتصاد المحلي.وفي السياق ذاته، عقد والي الولاية السابق، محيوت يوسف، اجتماعات دورية مع رؤساء الدوائر والمديرين المعنيين بملف الاستثمار وأكد خلالها على الدور المحوري لهذا الملف في خلق الثروة واستحداث مناصب الشغل. ورغم ذلك، لم يُحدث أي تغيير ملموس في مناطق مثل بابار، عين الطويلة، وبغاي، حيث لا تزال هذه المناطق تنتظر دفعة قوية وجذبًا حقيقيًا للاستثمارات.
أما المنطقة الصناعية الكبرى المزمع إنشاؤها في بلدية متوسة وغيرها من مناطق النشاطات، فلا تزال بحاجة إلى جهود كبيرة لتحقيق انطلاقة فعلية، ويعكس الوضع الحالي التركيز المفرط على الاستثمارات الخدمية مثل البازارات، المحلات التجارية، والعيادات الخاصة، ما أثقل كاهل الولاية بمشاريع لا تسهم في التنمية المستدامة.
اليوم، يقف الوالي الجديد، سليم حريز، أمام تحدٍ كبير لإخراج هذا الملف المتعثر من الأدراج وتفعيل الاستثمار المنتج، حريز، الذي شغل منصب الأمين العام للعاصمة، يمتلك خبرة في التعامل مع الملفات الكبرى، وهو مطالب بتحقيق نقلة نوعية في استثمار موارد الولاية وتحويلها إلى قطب اقتصادي منتج، بما يساهم في خلق تنمية حقيقية ومستدامة.
محمد. ع