العمود

ترك الحال على ما هو عليه

لكل مقام مقال

بخروج التلاميذ إلى الشارع وتحريك قضيتهم على مستويات عليا، تعالت الكثير من الأصوات والمواقف التي تنتقد هذه الاحتجاجات التي لم تُحسن توقيتها ونادوا بضرورة العودة إلى مقاعد الدراسة وأن الشارع لا يمكنه حل القضية بقدر ما قد يكون فرصة لدعاة الفتنة لاختراق صفوف التلاميذ وإرغامهم على تنفيذ مخططاتهم دون وعي منهم..

والحقيقة التي لا يجب أن نختلف فيها أن الاحتكام إلى الشارع واقتحامه بدلا من الاحتجاج في الحرم المدرسي وعلى مستوى المؤسسات التربوية جاء نتيجة “الضياع” الذي استشعره الآلاف من التلاميذ الذين كانت الدروس الخصوصية وساعات الدعم أكبر مساند لهم على الاجتهاد والمثابرة من أجل النجاح كما يعتقدون ..

وتطبيق قرار المنع الذي اعتُبر مفاجئا رغم الإنذارات التي سبقته بأشهر كان بمثابة الضربة القاضية على “أحلامهم” وهذا من زاوية ما أكده التلاميذ أنفسهم وأن توقيت القرار بحد ذاته مخالف تماما لمصلحتهم التي تتبنى وزارة التربية وكل جهة مسؤولة ومعنية الدفاع عنها وبكونهم يتعرضون للاستنزاف والاستغلال من طرف فئة من الأساتذة ليسوا حسب رأيهم على درجة من الضمير المهني وأنهم كانوا السبب في انتشار ظاهرة الدروس الخصوصية وترسيخها في أذهان المتمدرسين وأوليائهم..

وسواء أكان التلاميذ على حق بإقحامهم المطالب المتعلقة بضرورة تغيير المناهج وتعديلها ومراجعة الحجم الساعي وتخفيض الدروس وفق ما هو سائد في المناهج الدولية التي أثبتت نجاحها وتفوقها وتخريجها لعباقرة بدلا من أغلبية ناجحة دون مستوى فعلي، والهدف إجبار الوزارة على السماح بدروس الدعم خارج المؤسسات باعتبارها وسيلتهم الأنجع للنجاح، أو أن الوزارة على حق بتوقيفها للدروس الخصوصية وتحذيرها من ممارستها مع تسخير القوى الأمنية بإحراج الأساتذة في الأكاديميات والجمعيات وتعريضهم لمواقف لا يُحسدون عليها فإن الدخول  في مرحلة الجدالات العقيمة وتبادل الاتهامات والتركيز على هوامش القضية وترك محاورها الأساسية سيحول دون الوصول إلى حلول عميقة تمتد إلى أبعد من مجرد عام دراسي لتستفيد منها بقية الأجيال لسنوات قادمة تؤسس للمدرسة الجزائرية الأصيلة والمنفتحة..

والحاصل أنه لا يمكن احتواء تمرد التلاميذ إلا بتأجيل مسألة التوقيف لدروس الدعم  وتحويلها إلى الدراسة والمتابعة وتقنينها بحيث لا تكون عبئا على أي طرف، فكما أن خروج التلاميذ في هذه الفترة غير ملائم فإن التوقيف أيضا يأخذ نفس الحكم، وليس علينا سوى إدراك أن مصلحة التلميذ أحيانا تقتضي التنازل بحكمة وبُعد نظر.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.