العمود

تجريم الراجلين في الجزائر

لكل مقام مقال

لا يتم طرح القضايا المتعلقة بحوادث المرور في الجزائر إلا وأصابع الاتهام موجهة على وجه التخصيص لسائقي المركبات دون الالتفات إلى بقية الأسباب والعوامل المحيطة التي ساهمت مجتمعة في الحادث، وكثيرا ما تضيع حقوق السائقين بهذا المنطق التشريعي الانحيازي الذي يحاول أن يضمن حقوق الراجلين مع “ترسانة” من المخالفات التي يمارسونها في غياب وعي مروري وتربية تضمن لجميع الأطراف عدالة متساوية لا تجريما متطرفا يضع سائقي المركبات في ورطة حتى وإن لم يكن لهم يد في وقوع الحادث..

وظاهرة انعدام الالتزام بقوانين المرور من طرف الراجلين أو المشاة من الظواهر التي تكاد تكون مهيمنة على غالبية الجزائريين الذين يعتقدون أنهم غير معنيين بها وأن كل المسؤولية يتحملها السائق، وهذا ما زاد من حالة الاستهتار السائدة على مستوى شوارع وطرقات الجزائر، حيث يدفع السائقون ثمن تهور واندفاع الراجلين وتمردهم على القوانين دون وجه حق..

وما هو متفق عليه أن المشرع الجزائري أخفق عندما منح للراجلين حقوقا غير مستحقة وبالغ في حرمان السائقين منها تحت طائلة أنهم محميون في مركباتهم إذ الإخفاق يتعلق أيضا بسائقي الدراجات بأنواعها المختلفة الهوائية والنارية، بينما يبقى مستعملي المركبات في حالة اتهام وتجريم حتى وإن أثبتت التحقيقات الميدانية وملابسات الحوادث أن الراجلين يتحملونها منفردين وهذا ما ساهم في تماديهم من جهة وعدم خوفهم رغم أنهم الطرف “الهش” في أي حادث وقد يخسرون حياتهم أو صحتهم وعافيتهم نتيجة ذلك..

ولطالما طالب أصحاب المركبات بضرورة تطبيق القوانين بإلزام الراجلين بمعبر المشاة وضرورة استعمال الرصيف واستعمال الممرات العلوية في حال وجودها وقطع الطريق بنظام وانتظام بعيدا عن العشوائية التي تدل على انعدام الحس الحضاري لدى الغالبية زيادة عن السلوكيات غير السوية التي تشهدها طرقاتنا للأسف، علما أنه لا يمكن الحديث عن الالتزام إلا بقوة الإلزام وذلك بتشريع قوانين تجرم جميع الأطراف وتنظم المرور وفق ذلك مع تعميم الغرامات لأي مخالف مهما تكن صفته ما دام المشاة جزءا مهما في المنظومة المرورية وعلى الجميع احترامها وتقديم الأسباب التي تحول دون وقوع الحوادث التي يجب إخضاع جميع أطرافها للمساءلة والمسؤولية وبذلك نضمن هوامش مهمة تضع حدا لتجاوزات فئة الراجلين والسائقين على حد سواء مع المراهنة على السلامة المرورية وسيادة القانون على الجميع.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.