
تبون: “لسنا دولة معزولة، نملك علاقات مع الجميع ونرفض كل محاولات إخضاعنا”
رئيس الجمهورية يزلزل الإعلام بحوار "جيوسياسي" عنوانه "الجزائر سيدة مبادئها"
خصّ رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون صحيفة l’Opinion الفرنسية بحوار مثير صنع الحدث في مختلف وسائل الإعلام العالمية يوم أمس، ذلك أنه تضمن تصريحات تُعبر عن الكثير من المواقف الجزائرية تجاه العديد من القضايا السياسية العالمية، وجدّد رئيس الجمهورية التأكيد على أن الجزائر دولة غير منحازة لأي طرف وأن مواقفها مبنية من مرجعيتها السياسية التاريخية، ليرُد بشكل صريح على العديد من السياسيين الفرنسيين وادعائهم بأن “الجزائر دولة معزولة”، وذلك بالحديث عن مُختلف العلاقات التي تقيمها الجزائر مع دول كثيرة وقوىً عالمية عُظمى لا تتفق فيما بينها لكنها تحترم في النهاية الديبلوماسية الجزائرية و”عدم انحيازها” لأي طرف.
“سياستنا الخارجية مبنية على عدم الانحياز وعدم التدخل في شؤون الدول”
وسألت الصحيفة الفرنسية رئيس الجمهورية حول التطور السياسي والجيوسياسي العالمي الذي يشهد عودة الصراعات والحرب التجارية بين الصين والولايات المُتحدة الأمريكية وما إن كان ذلك يستدعي تطور الدبلوماسية الجزائرية أو انحيازها لطرف مثلما يُشير إليه السؤال، فأكد تبون أن الجزائر ومنذ استقلالها تسير بمحورين أساسيين في السياسية الخارجية، أولاهما “عدم الانحياز” وثانيهما “عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى”، حيث قال: “منذ استقلالنا وحتى يومنا هذا، كان لدينا دائما محوران أساسية في السياسة الخارجية، أولا عدم الانحياز، ففي الأيام الأخيرة استقبلنا أعضاء من الحكومة الروسية في الجزائر العاصمة في إطار لجنتنا المشتركة، وأيضا أجرينا تبادلات أمنية ودبلوماسية على أعلى مستوى مع الولايات المتحدة”.
“نضحك عندما نسمع سياسيين فرنسيين يقولون إننا دولة معزولة”
وأكمل رئيس الجمهورية كلامها قائلا: “استقبلنا وفدا من حلف شمال الأطلسي ولدينا علاقات ممتازة مع جميع دول البحر الأبيض المتوسط التي تستثمر معنا وتتاجر معنا، والعكس صحيح، نحن قوة استقرار في إفريقيا ولذلك، عندما يقول بعض السياسيين الفرنسيين إن الجزائر معزولة، فإن ذلك يجعلنا نضحك”، وأتبع: “أما المحور الثاني في سياسيتنا الخارجية فيتمثل في عدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، وهو ما يفسر رفضنا أيضاً لكل محاولات إخضاع بلدنا، وليس لدي مشكلة في قول هذا للقوى العظمى”، وتأتِ تصريح رئيس الجمهورية الجزائرية وسط حملة كبيرة جدا ضد الجزائر من اليمين المُتطرف الذي وصل به الأمر إلى إعادة أسطوانة “قانون العار” الصادر سنة 2005 والذي يُروج لما وصفوه بـ”الدور الإيجابي للاستعمار في شمال إفريقيا”.
“علاقاتنا جيدة مع أمريكا وهي الدولة الوحيدة التي تملك مدينة باسم بطلنا القومي”
ولأن عودة دونالد ترامب إلى سدة الحكم في الولايات المُتحدة الأمريكية وإدلائه بالكثير من التصريحات المثيرة التي قد ترسم الخارطة السياسية للسنوات المُقبلة، سُئل رئيس الجمهورية عن العلاقات التي يُريد أن تكون مع أمريكا في عهد ترامب فأجاب: “لقد ظلت علاقاتنا جيدة مع جميع الرؤساء الأميركيين المختلفين، سواء كانوا ديمقراطيين أو جمهوريين، وكان هذا هو الحال بالفعل خلال الولاية الأولى لدونالد ترامب، عندما تم انتخابي في عام 2019، أرسل لي رسالة لتهنئتي بعد ساعات قليلة من ظهور النتائج، وقتها استغرق الرئيس ماكرون أربعة أيام “ليعلم” بانتخابي، ولن ننسى أبدًا أن الولايات المتحدة عرضت المسألة الجزائرية على الأمم المتحدة، كما أنهم يرحبون بأفضل الباحثين لدينا، وهي الدولة الوحيدة التي لديها مدينة تحمل اسم بطلنا القومي الأمير عبد القادر، كما أن أكبر مشاريعنا في عهد الرؤساء بومدين والشاذلي وبوتفليقة تم تنفيذها مع الأمريكيين، في مجال المحروقات وفي أماكن أخرى”.
“تنظيف النفايات النووية الفرنسية بالجزائر أمر إلزامي أخلاقيا وإنسانيا”
وشدد الرئيس تبون في كلامه أن الكرة الآن في مرمى فرنسا لإصلاح ما يُمكن إصلاحه بعد توتر العلاقات بين البلدين، حيث قال: “من الآن فصاعدا الكرة عند قصر الإيليزي، وذلك لكي لا نسقط في افتراق غير قابل للإصلاح، المناخ مع فرنسا أصبح ضارا ونحن نضيع الوقت مع ماكرون، وأضاف: “وزير داخلية فرنسا أراد توجيه ضربة سياسية للجزائر بمحاولة طرده لمؤثر جزائري، ففرنسا تُلاحق ناشطين جزائريين على التواصل الاجتماعي وتحمي مجرمين ومخربين بمنحهم الجنسية وحق اللجوء”، وعلّق رئيس الجمهورية حول قضية صنصال قائلا: “صنصال مشكلة بالنسبة للذين خلقوها، ولم نسمع منه بعد كل الأسرار، إنه يتلقى العلاج ويكلم عائلته”، قبل أن يتطرق إلى قضية “الذاكرة” وتجريم الاستعمار والنفايات الفرنسية بالجزائر بقوله: “مُخلفات الذاكرة يجب معالجتها جديا ولن نقبل بحلول وضع آثارها كالغبار تحت البساط، كما أن تنظيف النفايات النووية بالجزائر إلزامي على فرنسا من الناحية الإنسانية والأخلاقية والسياسية والعسكرية”.
محمد بلقاسم