تبـادل الطعـام بين الجيرانموروث اجتماعي جزائري خالد يأبى الإندثـار

يعتبر شهر رمضان في الجزائر مناسبة تتجلى فيها قيم التكافل والتآزر بين الجزائريين، حيث يعد تبادل الأطباق إحدى العادات العريقة التي تعبّر عن  روح الأخوة والتضامن بين العائلات والجيران والمعروفة لدى الجزائريين.

وتعود جذور هذه العادة إلى مئات السنين، ولا تزال قائمة حتى اليوم، إذ تتحول مائدة الإفطار إلى مساحة للمشاركة والعطاء، فنجد الأسر تتبادل الأطباق التقليدية في لفتة طيبة تبرز  عمق الروابط الاجتماعية بين سكان الحي الواحد خلال الشهر الفضيل.

فمع اقتراب موعد الإفطار، تنتشر في الأحياء الجزائرية نجدالأطفال على الخصوص والكبار في بعض الأحيان يحملون بين أيديهم أطباقا متنوعة أو طبقا واحدا على الأقل  إلى منازل الجيران، وتشمل هذه الأطباق مجموعة من الأكلات التقليدية مثل الشوربة، البوراك، الطاجين الحلو، الطواجن المختلفة، الكسرة المطلوع أو خبز الدار، ويحرص الجزائريون على تبادل الأطعمة ليس فقط بين الجيران، بل أيضا مع العائلات المحتاجة، في لوحة فنية تعكس روح التضامن  والتكافل التي يتميز بها الجزائريون خلال شهر رمضان المبارك.

ولا يقتصر تبادل الأطباق الرمضانية  على نطاق الجيران فحسب، بل يمتد  أيضا في الموائد المفتوحة التي تقيمها الجمعيات الخيرية وبعض المتطوعين، حيث يتم إعداد وجبات الإفطار للفقراء وعابري السبيل، ولا يمكن ان يسمح القائمون على هذه الموائد لعابري السبيل بالمضي قدما دون أن يشاركوهم مائدة الإفطار أو على تزويدهم ببعض الطعام لاستكمال الطريق، خاصة عندما يتعلق الأمر بسائقي الشاحنات والمسافرين لمسافات طويلة.

وعلى الرغم من أن هذه  العادات التقليدية لا تزال حاضرة لدى الجزائريين، غير أن التكنولوجيا ومنصات التواصل الاجتماعي ساهمت بشكل كبير في تسهيل العمل الخيري، حيث باتت  المنصات الرقمية وسيلة فعالة للتنسيق بين العائلات والجمعيات لتوزيع الوجبات على نطاق أوسع، وإطلاق مبادرات الموائد الرمضانية بانتظام في مختلف الأحياء السكنية والساحات، وتوثيق تلك اللحظات الخالدة، لتبقى هذه العادة جزء لا يتجزأ  من التقاليد العريقة التي تميز رمضان في الجزائر، والتي تجمع بين كون رمضان شهرا للعبادة والتقرب من الله ومناسبة لإعادة مد جسور التضامن والتآخي بين الجزائريين.

شفيقة. س