ثقافة

تأكيد على نبض الفلسفة بهموم عصرها وكونها منارة للمقاومة والوعي

مع اختتام الأسبوع الفلسفي بجامعة باتنة1

أكد، المشاركون في أسبوع الفلسفة المنعقد بجامعة باتنة1 على دورها في معالجة القضايا الإنسانية الدولية والمحلية، كما ثمنوا مختلف المبادرات الرامية إلى تقريب الفلسفة من الآخر وتعريفه بها، وذلك لتغيير الصور النمطية المأخوذة عنها والتي يغلب عليها الطابع السلبي من جهل بمكانتها ومساعيها وكذا دورها في مأسسة أسمى المعالم القيمية التي تعد ركيزة بناء الإنسان السوي والحر والواعي والمقاوم، مع توجيه دفة الاهتمام العام المقبل مع نهاية ذات التظاهرة بالعمل على انفتاح الفلسفة على التخصصات الأخرى، ورصد التلاقح المعرفي الحاصل بينها.

وشهدت، تظاهرة الأسبوع الفلسفي التي استمرت على مدار 5 أيام تناغما فكريا وتنوعا محاضراتيا أثثه الدكاترة المشاركون وناقشوه مع الحضور من مهتمين وطلبة وأستاذة، أين تم رصد مقامات الفلسفة فنيا في تعميم الوعي وثقافة التحرر والمقاومة، وفي كون أم العلوم إحدى أوجه المقاومة في ندوة حملت عنوان “الفلسفة والمقاومة”، كما تم أيضا تسليط الضوء على قراءة في تحولات الخطاب الديني، بالإضافة إلى تحري الجانب الأكاديمي لهذا التخصص في “واقع تدريس الفلسفة في الجزائر” أين عرفت الندوة تلاقحا في الأفكار وتجاذبا حول ما تجابهه الفلسفة تلْقينًا وعطاء بمشاركة أساتذة من الطور الثانوي ومن الجامعة، وهو ما ضاعف من ثراء الجلسة وتعميم الطروحات المتناولة حول الدرس الفلسفي.

 

اختتام على وقع الاحتفاء بالدكتور عمراني

 

كان مسك الختام بالاحتفاء بشخصية الأستاذ الدكتور عبد المجيد عمراني مفكرا وناقدا، باعتباره أحد منارات القسم خصوصا والفلسفة عموما بباتنة والوطن، أين جاءت هذه الالتفاتة، وبحسب الدكتور شروف محمد رئيس قسم الفلسفة جامعة باتنة 1 والقائم على التظاهرة في حديثه لـ “الأوراس نيوز” باعتبار الدكتور عمراني “من الرعيل الأول للإطارات الجزائرية التي استطاعت الدولة الجزائرية أن تكونهم وقادوا الجامعة الجزائرية إلى بر الأمان”، كما أنه “صاحب الفضل في تأسيس مخبر حوار الحضارات والعولمة سنة 2003 وكذا قسم الفلسفة بجامعة باتنة 1، وقد كون في جميع مراحل من الليسانس والماجستير إلى الماستر والدكتوراه، وأشرف على الكثير من الإطارات في المجال الفلسفي” ممن يحملون فضله إلى اليوم، وهو ما أكده المتدخلون في الجلسة الختامية، أين أبرز الجميع خصال الأب الروحي للفلسفة بباتنة، وتركيزه على “تكوين باحثين وصناعة الإنسان والمشاريع المفتوحة”، ومدى وطنيته رغم ما عاناه أثناء الفترة الاستعمارية، وكذا سعيه لترجمة التجارب الأجنبية بالجزائر والتي جعلت صاحب جائزة غوزي للسلام في الفلبين ينغمس في حوار الحضارات، والتي حملتها كتاباته النيرة فيما عمد المتدخلون إلى استنطاق حيثياتها.

 

الأسبوع تتويج للفلسفة وترجمة لعدة مناسبات خاصة

وجاءت هذه الندوات المنظمة من قبل قسم الفلسفة كلية العلوم الإنسانية والاجتماعية بجامعة باتنة 1 وبالتنسيق مع مخبر حوار الحضارات والعولمة والجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية مكتب باتنة، وفقا لما صرح به رئيس التظاهرة ونائب رئيس مكتب الجمعية الجزائرية للدراسات الفلسفية مكتب باتنة، تتويجا لعدة مناسبات تخص الجهات المنظمة أين تتزامن ومرور 20 سنة على تأسيس قسم الفلسفة و21 سنة على تأسيس المخبر، وكذا بمناسبة اليوم العالمي للفلسفة، وذلك “احتفاء بمكانة الفلسفة في المجتمعات وفي بناء الانسان”، ما حمل القائمين على التظاهرة إلى ترجمة هذه المناسبات في أسبوع فلسفي يغطيها جميعا، ضمن عدة أيام دراسية شملت مداخلات متنوعة “بحكم أن الفلسفة أيضا تعيش ما يعيشه الانسان والمجتمع الدولي عموما، وما يحدث في غزة وفي لبنان وفي باقي دول العالم، فهي تعيش عصرها وهمومه”.

 

الشعار… تيمة عاكسة لمجريات الأحداث ولب المداخلات

وقد حاك القائمون على التظاهرة شعار “وعي… مقاومة… تحرر”، كتيمة عاكسة لمجريات الأحداث صراعاتيا وأزماتيا، وهو ما عززه الدكتور شروف محمد باعتبار الشعار مستمدا من الظروف العالمية التي نعيشها، و”كما يقول كارل ماركس فالإنسان لا بد أن يعي وضعه، فنحن كشعوب عالم ثالث نعيش وضعا مستغلا من القوى الامبريالية الاستعمارية في العالم، لذلك وجب أن نعي وضعنا هذا من أجل أن نقاوم، فالمقاومة مجموعة من الأشكال أعلاها الكفاح المسلح، ونحن هنا مقاومتنا بالفكرة والقلم”.

 

الفلسفة كلها مقاومة

ودفاعا عن الفلسفة أمام من يزيحها عن المجال المقاوماتي؛ يؤكد الدكتور شروف عن كون “الفلسفة كلها مقاومة” موضحا أن “كل الفلسفات في التاريخ الفلسفي كانت فلسفات مقاومة، وإن كانت مقاومة ناعمة إلا أنها قلبت الأوضاع السياسية والاجتماعية لمجتمعات معينة انقلابا على الوضع القائم الذي لم يستسغه الفلاسفة” ففي الوقت الذي رضخت له كل الطبقات والشرائح المجتمعية الأخرى، فإن الفيلسوف ثار على هذه الأوضاع إيمانا منه بإمكانية “رفع الإنسان من المستوى الموجود فيه إلى مستوى أحسن وأكثر رقيا وحرية وأكثر وعيا من قِبل الفلسفة”، وتعليقا على مدركات الفرد المقاوم تمثلا بالشهيد السنوار، أبرز الدكتور محمد أن الفلسفة في عمومها تنطلق من فكرة لتنتهي إلى فكرة، ورغم أن السنوار في كفاحه المسلح استنفذ كل السبل السلمية والإنسانية في محاورة هذا الكيان الصهيوني المحتل، إلا أنه في الأخير وحتى مع ارتقائه ترك لنا فكرة العصى والمقاومة، وفكرة الوقوف في الصفوف الأولى إلى النهاية ليس فقط في الكفاح المسلح، بل حتى في الكتابة كون التأليف دفعٌ للفكرة بالفكرة والحجة بالحجة، وهذا هو دور الفلسفة وجوهرها.

رحمة. م

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.