
بين يدي آية
قال تعالى: “أَلَمْ أَعْهَدْ إِلَيْكُمْ يَا بَنِي آدَمَ أَنْ لَا تَعْبُدُوا الشَّيْطَانَ ۖ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُبِينٌ” سورة يس الآية 60
يقول تعالى مخبرا عما يؤول إليه حال الكفار يوم القيامة، من أمره لهم أن يمتازوا بمعنى يتميزوا عن المؤمنين في موقفهم، كقوله تعالى: {ثم نقول للذين أشركوا مكانكم أنتم وشركاؤكم فزيلنا بينهم} ، وقال عزَّ وجلَّ: {ويوم تقوم الساعة يومئذ يتفرقون}، وقال {يومئذ يصّدعون} أي يصيرون صدعين فرقتين، وقوله تعالى: {ألم أعهد إليكم يا بني آدم أن لا تعبدوا الشيطان إنه لكم عدّو مبين} هذا تقريع من اللّه تعالى للكفرة من بني آدم، الذين أطاعوا الشيطان وهو عدّو لهم مبين، وعصوا الرحمن وهو الذي خلقهم ورزقهم، ولهذا قال تعالى: {وأن اعبدوني هذا صراط مستقيم} أي قد أمرتكم في دار الدنيا بعصيان الشيطان وأمرتكم بعبادتي، وهذا هو الصراط المستقيم، فسلكتم غير ذلك واتبعتم الشيطان فيما أمركم به، ولهذا قال عزَّ وجلَّ: {ولقد أضل منكم جبلاً كثيراً} يقال: جبلا بكسر الجيم وتشديد اللام، والمراد بذلك الخلق الكثير، وقوله تعالى: {أفلم تكونوا تعقلون} أي أفما كان لكم عقل في مخالفة ربكم فيما أمركم به وعدولكم إلى اتباع الشيطان؟ عن أبي هريرة رضي اللّه عنه أن رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم قال: “إذا كان يوم القيامة أمر اللّه تعالى جهنم فيخرج منها عنق ساطع مظلم يقول: {وامتازوا اليوم أيها المجرمون} فيتميز الناس ويجثون، وهي التي يقول اللّه عزَّ وجلَّ: {وترى كل أمة جاثية كل أمة تدعى إلى كتابها اليوم تجزون ما كنتم تعملون} “أخرجه ابن جرير عن أبي هريرة مرفوعا”.