العمود

بين المعلم والمتمعلم

بصراحة

بعد المصادقة على القانون الأساسي الخاص بقطاع التربية الوطنية، عاد النقاش حول “ظاهرة الدروس الخصوصية” ليطفو إلى السطح، وتم تداول أخبار مفادها أن السلطات ستعمل على القضاء على هذه الظاهرة التي تسببت في تراجع مستوى التلاميذ في مختلف الأطوار، غير أن شريحة واسعة من المعلمين والأساتذة لم يرضها هذا الكلام وإن كان مجرد “أقاويل” يتم تداولها، وحجة هؤلاء المعلمين والأساتذة هي أنهم بحاجة لعمل إضافي من أجل التكيف مع الواقع في ظل تدني القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار، حتى أن هناك فئة من الأساتذة قد أطلقت حملة “دفاع عن النفس” وقد تبنت فيها مبدأ المقارنة بين رواتب الأساتذة ورواتب موظفين في “شركات وطنية” على غرار “سوناطراك”، وتساءلت كيف لا يتحدث الشعب “عن الرواتب الخيالية” لبعض الموظفين بها؟
ماهو ملاحظ، هو أنه لا مجال للمقارنة بين عامل في السوناطراك، وحتى في مؤسسات أخرى كالصناديق الوطنية، وبين الموظفين في مؤسسات تربوية، ذلك لأن السوناطراك شركة اقتصادية وإنتاجية، وهي تمول الخزينة العمومية، وحتى الصناديق والمؤسسات العمومية ذات الطابق الاقتصادي والتجاري، أما المؤسسات التربوية فهي مؤسسات عمومية ذات طابع خدمي، أي أنها لا تنتج، وبلغة الأرقام والاقتصاد، فإنه من غير المعقول رفع رواتب موظفين فوق الحد المسموح والمعقول في قطاع غير منتج، ورغم ذلك فالدولة قد فعلت، ومازالت ترفع رواتب موظفين في قطاعات خدمية لا تنتج شيئا.
عديد المعلمين، ورغم أنهم لا ينتجون شيئا، ومكلفون فقط بأداء رسالة نبيلة متمثلة في “التعليم” إلا أنهم يريدون أن يصبحوا “متمعلمين”، يقدمون رؤوس أقلام في “المؤسسات العمومية”، ويشتكون يوميا من الاكتظاظ في أقسام تضم 40 تلميذا على الأكثر، ويطالبون بامتيازات، وفي المقابل، يقدمون كل ما لديهم في “مستودعات الدروس الخصوصية” البائسة التي لا تتوفر فيها في أغلب الأحيان شروط الراحة وتضم أكثر من 50 تلميذا في “الحصة الواحدة” وهذا طبعا مقابل “المال”، وهذا ما معناه أن شريحة واسعة من المعلمين “يتمعلمون” في المؤسسات العمومية، لكنهم يصبحون “معلمين” في “المستودعات”، وهذا ما ليس عدلا، ووجب أن يختار “المعلم” بين أن “يكون معلما” في المؤسسة العمومية ويقدم رسالته النبيلة، وإما أن ينشئ مؤسسته الخاصة “ويتمعلم” فيها كما يشاء، لا أن “يأكل الغلة ويسب الملة”.
سمير بوخنوفة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.