بيض مسلوق أمام ماء جاري للطفل الصائم… عادة تتشبث للاستمرار

يعتز المجتمع الجزائري بمختلف عاداته وتقاليده خاصة إذا زاوجت بين الجانبين الديني والمجتمعي، وهو ما يتجسد خلال شهر رمضان مع احتفال العائلات بصيام صغارهم لأول مرة.

ويتحول الأمر إلى عيد للأسر بولاية باتنـة، لا لكون غالبية المقبلين على الصوم يتدرجون في مراحل النضج العمري؛ بقدر ما هو فرح ورضا بإقبالهم على أداء واحد من الأركان الإسلامية والمتعلقة بالامتناع عن الأكل والشرب ومحاولة فهم معناه وشروطه وتحقيقها رغم صغر أعمارهم.

ويمر يوم الأطفال الصائمين لأول مرة حافلا بالتحفيز والتشجيع لإتمام الصيام على أكمل وجه بعدما تبييت النية وتناول وجبة السحور بما يشتهيه الطفل ووفقا لقدرات العائلة، مع محاولة الإجابة على مختلف استفسارات الصائم حول هذا الفرض الواجب على كل المسلمين البالغين والأصحاء.

ومع سماع آذان المغرب وحلول وقت الإفطار تقوم بعض الأسر بولاية باتنـة وفي عديد القرى خاصة في المنطقة الجنوبية منها، وكذا بعض العائلات في المدن بتحضير بيض مسلوق للطفل المفطر من الجنسين، ليتناولها أمام “قربة” المنزل التي يعمد رب الأسرة إلى تركها تنساب وذلك تعبيرا بالارتواء والتخلص من العطش وعدم تعرضه له أمام الماء الجاري في صيامه مستقبلا طيلة عمره، وذلك مع أدعية وتهاني أفراد العائلة للصغير بهذا الانجاز.

وتعد هذه العملية من العادات التي تتشبث للبقاء أمام ما تعرفه من شبه اندثار في المجتمع الباتني وتحديدا في المناطق الجنوبية منها التي تمارس هذا الطقس وتعمل على الحفاظ عليه، خاصة مع التطور والتغير الذي يعرفه النمط الحياتي المتسارع، ومع ما يشهده تحوير تطبيقها في الوقت الحالي بالاكتفاء بتحضير مائدة إفطار من ألذ الأطباق أو ما يشتهيه أو يطلبه الطفل الصائم في العائلات التي تقطن بالمدينة، بينما يعمد البعض إلى الحفاظ عليها والالتزام بها بتكييفها وفق متغيرات الحياة، ففي غياب القربة التي كانت رمزا وجزء لايتجزأ من ديكور ومستلزمات المنازل التقليدية؛ تلجأ بعض الأسر إلى تقديم البيضة للصغير الصائم من الجنسين لتناولها أمام صنبور المياه المفتوح في المطبخ، لتبقى مثل هذه العادات التي تصارع البقاء على بساطتها ورمزيتها التقليدية والمجتمعية المتلازمة مع الجانب الديني واحدة من الطقوس الجميلة التي تربط أجيال الحاضر بعادات الأجداد وتقاليدهم.

رحمة. م