ثقافة

“بوروبة صلاح زكرياء”.. كاتب يعالج القضايا في قالب سوسيوأدبي من خلال مؤلفه “فِهْرُ العَبَقِ”

“بوروبة صلاح زكرياء” كاتب مبدع وروائي متميز، أنامله نابضة تنتج أدباً عابقاً تسحر القراء والنقاد، مؤلفاته الأدبية اتسمت بمعالجة القضايا الراهنة وتمحيص الحقائق التاريخية وإنتاج ما يجب إنتاجه، مؤلفه الأخير ذاع صيته وصنع هالة أدبية متميزة بين أقرانه ووسط الكتاب الواعدين.

حوار: حسام الدين قماز ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

كل كاتب له حكايات البدايات مع الكتابة، ماهي المؤثرات والعوامل التي كانت كمقدمات لزكرياء صلاح  الكاتب والشاعر؟

بكل صدق، لطالما آمنت أن المحرك الأول لحاسة الكتابة هي البيئة التي نشأت فيها النفس ومُنحت مجالا للتعبير، وكل الظروف بسلبيتها وإيجابياتها تساهم بشكل أو بآخر في صقل الحس الفني والإدراك الدقيق لما يحيط، فعلى هذا المنوال أثرت فيّ الطبيعة التي ترعرعتُ في أحضانها، وأهدتني نظرة مختلفة إزاء كل تفاصيل الحياة كما أن حب اللغات الذي زرعته أمي العزيزة فيّ أعطاني وسائل عديدة للخروج بأفكاري الخاصة وضمن نسق لغوي متميز.

أصدرت  مؤلفك الأدبي والذي حظي بصدى أدبي وترحيب كبير من قبل القراء؛ ما محل هذا العمل مقارنة بأعمالك السابقة؟ وماذا عن اصدارك؟

بعد تمحيص مليّ في الساحة الأدبية وأحوالها منذ بداية مشواري الكتابي، أتيت بمؤلف ثالث جديد عنوانه “فِهْرُ العَبَقِ” يحمل في طياته مقالات سوسيوأدبية، حيث تناولت فيها مواضيع شتى تجمعها الكتابة، فمن جانب الأدب سعيت إلى نقد إيديولوجيات بعض أصناف البشر ومحتوى أنواع الكتب الشائعة من كتب الخواطر إلى الروايات  ودواوين الشعر، كلٌّ في مقال يعالجه كظاهرة إنسانية اجتماعية باطنها أكثر من مجرد رغبة طفيفة في الظهور وأما على الضفة الأخرى، قدمت تصحيحات مفاهيم وتوجيهات لكل الأفراد اللذين خطوا بأقدامهم في عمق المجال دون احتراز، هذا وأكدت في مرات متكررة ضرورة التمسك بتعاليم الدين الإسلامي خاصتنا في كل موضوع يُطرح أو يُلقى على الملأ.

 عنوان الاصدار الأخير لافت جدا، حدثنا عن خلفيات العنوان، وأسباب اختياره؟

أوافق كل من اهتم بمعرفة خبايا العنوان الثنائي، فأنا عن ذاتي لم أكن أتوقع أن هكذا عنوان سيُلهم إليّ في لحظة يقظة، فناهيك عن كونه لافتا هو تركيب كلمتين أُولاهما مبهمة وآخرتهما شائعة عند مجتمع العرب، كلمة “فِهْرٌ” أقصد بها الصخرة السوداء الملساء التي كانت تستعمل من طرف الصيادلة العرب في طحن النباتات العطرية واستخلاص “العَبَق”، وكما يهرس الصيدلي النبات، قمت وعصرت القضايا الراهنة حتى أعطي خلاصة لكل بادئ في أمر الكتابة والأدب وأوعيه قبل اقتراف شيء سيندم عليه بعد استغلاله على يد غيره من الهَمَلة.

 زكرياء الكاتب والروائي أكيد أنه قارئ قبل كل شيء، لمن يقرأ؟

تلك هي النقطة التي دائما كنت أنبه إليها، فحتى تكون لديك قاعدة معرفية ولغوية قادرة على فتح باب التأليف لك، يجب عليك مطالعة كبريات الكتب لأبرز المؤلفين والنحويين العرب وعلى سبيل المثال، أصارحكم أنني لا أحبذ قراءة الروايات كثيرا بقدر ما أهوى قراءة المؤلفات النقدية، معاجم اللغة والنحو، وكتب الفقه الإسلامي. أذكر لكم أمير الأدب مصطفى صادق الرافعي، ابن القيم الجوزية، ابن تيمية وغيرهم.

طبعا الكتابة ليست عملا سهلا على الاطلاق، بالنسبة لتجربتك في الكتابة ماهي المرحلة او الأشياء الأكثر عسرا ؟

إن الكتابة من أصعب المهام الفكرية، فالمجهود المبذول أثناء صياغة الأفكار بالطريقة المناسبة يمثل أكثر من ثلثي تجربة الكتابة. ومهارة المؤلف تظهر من خلال انسياب أفكاره مهما اختلف اللون الأدبي المستعمل، وقدرته على الإصلاح بما يتوفر عنده من إلهام فكري.

 بين الواقع والخيال عالم رحب، إلى أية ضفة تجنح في تجربة الكتابة لديك؟

أميل في كتاباتي على الواقعية المحضة مع ضرب أمثلة غير اعتيادية يتصورها القارئ ويعتبرها جزءا من مخياله، لكن النتيجة تكون أقرب ما يكون إلى مقتضى الأمر الجاري.

في سوق الكتاب الجزائر والعربي في رأيك أي الأجناس الأدبية اليوم  أكثر بروزا، تستهوي وتجذب الكتاب وفرضت سيطرتها على بقية الأجناس الأخرى؟

من منظور الناشر باعتباري “المدير التنفيذي لدار كريبتونيكس للنشر والتوزيع” أرى أن الشهرة كانت نصيفة كتب الخواطر ووهمية كتب الميتافيزيقا، وأنا غير راض تماما عما يجري في ساحتنا الأدبية من تقهقر في ذوق الناشر أولا، مؤهلاته الأكاديمية وذوق القارئ الرديء والذي منح أشباه الكتّاب مجالا لاحتلال الساحة بينما أعمالهم لا ترقى إلى النشر حتى فأنا أرى أن التأطير لازم من لوازم الخلود الأدبي.

هل للنزعة الواقعية وكل ما يرتبط بواقع مجتمعك أثر على نفسيتك ونمط كتابتك؟

النزعة الواقعية التي أتبناها في حياتي اليومية هي التي وهبتني إلهام الكتابة ورغبة التغيير والإصلاح بدورها دفعتني إلى صب ذلك الإلهام في نص مكتوب سيدوم بعدنا.

ماذا يعني فعل الكتابة والتأليف بالنسبة لك كروائي وكاتب؟

باختصار، الكتابة رمح ذو حدين قد يستعمل لتسميم مجتمع أو فئة منه بأفكار قاتلة للنفس والروح، كما قد يستخدم في زرع بذور الإصلاح وإدخال اسم المؤلِّف في سجل التاريخ المحمود.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.