
“بلغيث” يبرز تعـدَد الترجمـات لبيان أول نوفمبر في ندوة صحفية
على هامش فعاليات الطبعة السادسة لمعرض الكتاب الوطني بباتنة
فصل، الأكاديمي والدكتور بلغيث محمد الأمين في ندوة نشطها ضمن فعاليات الطبعة السادسة لمعرض الكتاب الوطني حول “بيان أول نوفمبر 1954″، في طبيعة البيان الذي تم إذاعته عبر أثير “صوت العرب” من القاهرة مساء الثاني من نوفمبر 1954.
وقد استدل المؤرخ على ما قدمه من معلومات ـ حسب ما صرح به ـ إلى ما يحمله من زاد تاريخي طيلة تجربته التدريسية، والذي عمل على جمعه وتقديمه في الجامعة لمدة 37 سنة، كما عمد على “إعادة ترتيبه” ما أعطى توضيحات أكثر عن تلك الفترة وما يقترن بها من أحداث وعلى رأسها ما يتعلق ببيان أول نوفمبر 1954، بالإضافة إلى “ملف سري” تحصل عليه “من راديو أستراليا في مارس 2024″، والذي يحمل وثائق مهمة عن البيان المذاع في “صوت العرب” في 2 نوفمبر 1954، منها “البيان الأصلي باللغة الإنجليزية الذي أرسل من القاهرة إلى السفارة الأسترالية في باريس ثم إلى راديو استراليا”، نظرا لمتابعة “راديو أستراليا” للثورة الجزائرية وما يذاع عنها في “صوت العرب” التي كانت صوتا ونافذة للجزائر وثورتها نحو العالم، أين يعود البيان المذاع آنذاك، بحسب الأستاذ بلغيث، “لقيادة جيش التحرير الوطني وهو البيان رقم 2 الذي أذاعه أحمد سعيد من القاهرة”، والذي كُتب في لقرين بأولاد فاضل ووُجه إلى “الأمة الجزائرية المسلمة”، وأُرخ بـ “30 /10/1954 من طرف كل من: مصطفى بن بولعيد، شيحاني بشير وعباس لغرور، وجاء “بوبكر سالم” ليثبت ذلك في شهادته المقدمة للمؤرخ محفوظ قداش سنة 1971، حيث يعد سالم بوبكر “المُمرض الأول في جماعة عباس لغرور بخنشلة”، وقد حُمل البيان من لقرين من طرف تجار إلى بنزرت ثم نقله أحد “المغامرين” عبر زورق من بنزرت إلى الإسكندرية ليسلم إلى أحمد سعيد ويُقرأ، وذلك “تزامنا مع وصول وقراءة البيان الأول الذي حمله بوضياف وهو بيان الأمانة العامة لجبهة التحرير الوطني”، حيث يُعتقد وفقا لذات المتحدث، أن قاسم زدُّورالمهَّاجي ابن الشيخ الطيب المهاجي أحد مؤسسي جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، “هو من قدم أول محاولة لترجمة بيان أول نوفمبر 1954 الأول لمحمد بوضياف”، والذي يعد “أرضية البيان المصاغة في 27 أكتوبر 1954 بالفرنسية” التي كان يتقنها المعنيون: الطيب الوطني، العربي بن مهيدي، ديدوش مراد، كريم بلقاسم، رابح بيطاط، مصطفى بن بولعيد، في قرية إيغيل إيمولا بواسطة الآلة الكاتبة الخاصة بمحمد خيضر.
وتم قراءة البيان الأول بعد وصوله مع بوضياف الذي حل مساء الثاني من نوفمبر بالقاهرة قادما من بيرن السويسرية، و”كان شرط المصريين في ذلك بأن يقوم هؤلاء الرجال الذين ذكرهم بن بلة في لقائه مع عبد الناصر بإحداث من 20 إلى 30 عملية يكون لها صدى إعلامي في وكالات الإعلام العالمية والفرنسية وهو ما حدث فعلا” في ليلة الفاتح من نوفمبر المباركة، أما الترجمة للبيان الذي كان سيُقرأ في صوت العرب بحسب ما صرح به أحمد سعيد للأستاذ بلغيث، فكان من قبل مكتب المغرب العربي برئاسة محمد الخطابي وبمساعدة الشاذلي المكي.
فيما أبان الأستاذ بلغيث عن كون أحمد توفيق المدني هو مهندس الترجمة الرسمية المعتمدة لبيان أول نوفمبر 1954 والتي “قدمها كريم بلقاسم للحكومة المؤقتة لتعتمدها في 19 سبتمبر 1958 وأصبحت توزع على السفراء والشخصيات”، كما يحمل البيان حوالي 70 ترجمة للنسخة الأصلية الفرنسية التي لم تتغير، وقد عمدت وزارة المجاهدين عام 1990 إلى تجميع هذه الترجمات و”صياغة أول مواثيق الثورة الجزائرية المباركة كبيان موحد تعمل به مختلف الهيئات عن بيان الأمانة العامة الذي تم صياغته في 27 أكتوبر 1954.”
وبالتالي ووفقا للسيد بلغيث، فإن “البيانان اللذان أصدرهما “جماعة لقرين” هما: ترجمة بيان 1 نوفمبر من السادة: مصطفى بن بولعيد، شيحاني بشير، عباس لغرور، عاجل عجول بالنسبة لأرضية بيان أول نوفمبر، أما الثاني فكتبه: شيحاني بشير، مصطفى بن بولعيد وعباس لغرور” فقط، ووفقا لتصريحات سابقة لمحمد خيضر فإنه قد “وزع في كامل الجزائر بيانان: بيان جبهة التحرير وبيان قيادة جيش التحرير الوطني”.
وقد حمل المؤرخ بلغيث على تحري كل ذلك، وتجميع وإعادة ترتيب الحيثيات تبعا للحقائق المقدمة والوثائق التي يملكها وتحصل عليها وهي ما يعبر عن التاريخ وفقا له، كون “لا مسلمات في التاريخ”، فقد عمد ابن الشريعة إلى تجميعها وإعادة استقرائها في مختلف الخرجات الأكاديمية والتاريخية على غرار الندوة الأخيرة بمعرض الكتاب الوطني بباتنة والتي عرفت حضورا كبيرا من قبل مختلف الفئات العمرية، والتي سيتضمنها، حسبه، قادم كتبه قريبا، فيما ختم الجلسة بطرح تساؤل عن سبب غياب الاهتمام الإعلامي ببيان جيش التحرير الوطني والذي يمثل “روح الجهاد” و”ميثاق الجيش”، بذات القدر الذي لقيه بيان أول نوفمبر 1954 للأمانة العامة لجبهة التحرير الوطني.
رحمة. م