محليات

بلدية باتنة… إلى أين؟

تداعيات استمرار الانسداد تؤرق المواطنين

بقدر ما أتاح قانون الانتخابات الجديد فرصة للناخبين من أجل اختيار أشخاص بعينهم من خلال نظام القائمة المفتوحة التي تمكن الناخب من انتخاب شخص أو أشخاص بعينهم، بقدر ما عمق من مشكلة “الصراعات” التي ما لبثت أن طفت على السطح بمجرد ظهور نتائج أول موعد انتخابي في إطاره، أي قانون الانتخابات الجديد.

قانون الانتخابات الجديد، وبعد أن كان ينتظر منه أن يثمر نتائج في صالح الناخبين من خلال تكريس الديمقراطية، وفي صالح المواطنين من خلال عزل من يسمون بأصحاب الشكارة، تبين بأنه “نقمة” بعد أن فعلت التحالفات فعلتها ولم تعد لأصوات الناخبين في عديد بلديات الوطن أية جدوى، بل إن الأمر تدهور لأن تدخل عشرات البلديات على مستوى الوطن في حالة انسداد، على غرار بلدية باتنة، والتي لم تكن انطلاقة المجلس الشعبي بها في ظل القانون الجديد موفقة، إذ شهدت عملية تشكيله نوعا من التعقيد والمخاض العسير بسبب الأخذ والرد بين “تكتلات” غاب الانسجام بينها، غير أن الخبرة والحنكة قد لعبتا دورا في إنهاء مسلسل التجاذبات ورفع الستار عن “التشكيلة” النهائية.

الحماس كان عنوان الأشهر الأولى من العهدة الانتخابية لرئيس المجلس الشعبي البلدي نور الدين بلومي ونوابه والأعضاء، فقد سل سيف الحجاج في وجه أصحاب محلات احتلوا الأرصفة بطريقة غير قانونية، وفي وجه آخرين ممن يسوقون سلعهم في ظروف غير مطابقة لشروط النظافة، أما مندوبي الملحقات فقد أطلق كل منهم العنان لحماسه على طريقته، دون أن ننس النواب وبقية الأعضاء أيضا، لكن، سرعان ما خفت الحماس وقل نشاط المجلس بمن فيه إلا ما تعلق بالنشاطات الروتينية والأعمال والأشغال التي طبعتها النمطية، فاستشعر سكان مدينة باتنة ذلك ولم يخفوا تساؤلهم عن السبب إلى أن انبعثت رائحة الصراعات من جديد، معلنة عن أن هناك من ضغط على الجرح القديم.

حقيقة غياب الانسجام والتوافق بين المنتخبين في المجلس الشعبي لبلدية باتنة لم تبق حبيسة مبنى “البلدية”، بل إنها تأكدت للعيان برفض تمرير عديد المداولات، والتصويت بالرفض على جدول الأعمال لأكثر من مرة، وقد سبق كل هذا بيان من أعضاء محسوبين على الجناح المناهض لرئيس البلدية، وقد برؤوا فيه أنفسهم مما وصفوه انفرادا بالرأي وحب الظهور، وبعد أن ثبتت استحالة استمرار سير المجلس في ظل صراع أجنحة، وتكتلات، وفي الوقت الذي تأكد فيه المواطنون بأن الأمر يتعلق بصراع مصالح، اضطر والي ولاية باتنة لأن يفعل قانون سلطة الحلول ويكلف رئيس دائرة باتنة بتسيير شؤون البلدية لضمان السير العادي لمصالح البلدية والتكفل بانشغالات المواطنين.

خلال الأسابيع الماضية، تداول مواطنون كما عديد المصادر الإعلامية المحلية خبر توصل الأطراف المتناطحة ببلدية باتنة إلى اتفاق على تحكيم العقل ولغة الحوار خدمة للمصلحة العامة وعقد صلح يضمن عودة المياه إلى مجاريها، وهذا بعد تدخل أعيان وشخصيات لها وزنها بمدينة باتنة، لكن بعد مرور أيام، عاد المواطنون ليتساءلوا عن سبب عدم تفعيل “مخرجات اجتماع الصلح” وبالتالي عودة تفعيل المجلس الشعبي البلدي، حتى أن الكثير من المواطنين قد تساءلوا عما إذا كان الأمر يتعلق بتماطل من السلطات الولائية بخصوص تعليق حالة الانسداد وتعليق سلطة حلول الوالي، غير أن “الأوراس نيوز” قد علمت من مصادر موثوقة بأن السبب يعود لعدم اتفاق بين أعضاء المجلس، فقد اصطف 23 عضوا إلى جانب رئيس بلدية باتنة “نور الدين بلومي”، في حين أصر 18 عضوا على اشتراط إزاحة الأخير من على رأس المجلس الشعبي البلدي وتعيين آخر يختارونه، وهذا ما أدى إلى استمرار حالة عدم الاتفاق وبالتالي حالة الانسداد، ما يعني أن جلسة الصلح وإن تمت مثلما تم تداوله مجرد إجراء شكلي لم يعكس إرادة حقيقية للتوصل إلى اتفاق ينهي حالة “الضبابية” التي خيمت على مدى أشهر على بلدية عاصمة الولاية.

ما يمكن تأكيده، هو أن ما يشاع في الشارع وفي أوساط المواطنين بخصوص “اجتماعات الصلح” هي مجرد فقاعات لا تلبث أن تنفجر عندما تصطدم بحقيقة أن العديد من الأطراف في بلدية باتنة باتت تمارس سياسة الاستدراج والتملص من المسؤولية والمناورة من أجل فرض منطقها، والمبدأ دائما هو “أنا وبعدي الطوفان” طالما أن التنازل في سبيل المصلحة العامة ضرب من الخيال في قاموس “عديد المتصارعين”، ليبقى السؤال الذي يطرح نفسه بإلحاح، ما السبيل للتوصل إلى اتفاق يرضي الأطراف المتناطحة ويضمن السير العادي لمصالح البلدية وشؤون المواطنين؟ خاصة وأن هناك من استغل حالة الانسداد وفرض منطق التسيب والفوضى في مختلف الملحقات البلدية التي لم تعد خفية على المواطنين، وبعبارة أخرى، باتنة… إلى أين؟

أ. ن

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.