
أعلن الاتحاد الإفريقي لكرة القدم الستار عن الشعار الرسمي لكأس الأمم الإفريقية 2025 المنتظر إجراؤها في المغرب بداية من شهر ديسمبر المقبل، وذلك يومين قبل إجراء قرعة البطولة بتقسيم المنتخبات الـ 24 على 6 مجموعات، ومثلما فعلت “أديداس” قبل سنوات قليلة حين أدرجت الزليج على قميص الإحماء للمنتخب الوطني الجزائري في زخرفة مستوحاة من قصر المشور بتلمسان والذي بُني من طرف يغموراسن بن زيان أول أمراء الدولة الزيانية، صممت “الكاف” شعار البطولة المُقبلة بكأس مُزينة بالزليج في صورة تعكس الثراء الثقافي المغاربي، ليعود إلى الواجهة صراعٌ ثقافي معتاد بين البلدين وخاصة في مواقع التواصل حول أصل هذه الزخارف وما إن كانت فعلا تُشكل “تراثا وطنيا مغربيا خالصا” مثلما يتم تداوله في البلد المنظم لـ”الكان”، أم أن الزليج هو إرث مغاربي تشترك فيه كل بلدان شمال إفريقيا ناهيك عن إسبانيا، وأن أول بلد استعمل هذا النوع من الفسيفساء كانت الجزائر، وتحديدا في عهد دولة بني حماد في القرن الـ 11 ميلادي.
قلعة “بني حماد” أول شاهد على الزليج مغاربيًا
وتؤكد “الموسوعة الإسلامية” encyclopaedia of islam التي تم نشرها تحت إشراف مارتين ثيودور هوتسما عضو الأكاديمية الملكية الهولندية للفنون والعلوم، أن الزليج يُعتبر تراثا ماديا وحضاريا للجزائر والدول المغاربية بشكل عام، وأن هذا الفن ظهر لأول مرة في شمال إفريقيا بقلعة “بني حماد” بالمسيلة في بداية القرن الـ 11 ميلادي، قبل أن ينتشر ليشمل عدة مناطق مغاربية، فتم استخدامه في مئذنة جامع الكتبية الذي بُني في القرن الـ12 ميلادي بمراكش والجامع الكبير في تلمسان في نفس القرن، قبل أن يبلغ ذروة استخدامه في قصر الحمراء بغرناطة، ووصفت الموسوعة الإسلامية “الزليج” على أنه “فسيفساء مكونة من أجزاء من مربعات فخارية ذات سطح مطلي بالمينا الملون، التقنية المستخدمة هي أقرب إلى التطعيم منها إلى الفسيفساء، حيث يتم تقطيع القطع إلى أشكال وفقًا للمكان الذي ستشغله في الشكل ككل”.
“الزليج” المغاربي والأندلسي استحوى زخرفته من التقاليد الأمازيغية
وذكرت “الموسوعة الإسلامية” أن أول ظهور لهذه التقنية كان في إيران، أو كما وصفتها بلاد فارس القديمة مثل قصر سرجون قبل أن تنتقل إلى أوروبا عبر الإمبراطوريتين الرومانية والبيزنطية، ثم المسجد الكبير في قرطبة وبعدها إلى قلعة بني حماد في المسيلة وتنتشر إلى مختلف المناطق المغاربية، وأكدت الموسوعة أن الأمثلة الكتابية قليلة لهذه الزخارف ويُمكن العثور عليها في تلمسان وقصر الحمراء، كما أوضحت أن “الزخارف التي استعملت في شمال إفريقيا والأندلس استوحت تصاميمها من التقاليد البربرية الأمازيغية لكنها تكيفت مع الذوق الإسلامي”، ويُعتبر اليوم قصر المشور بتلمسان واحدا من أقدم القصور التي تتجسد فيها إبداعات الزخرفة الجزائرية والمغاربية، كما ينتشر في هذه المدينة ناهيك عن فاس المغربية العديد من الحرفيين البارعين في صناعة “الزليج”، علما أن قصر المشور بني حوالي 1248م، وتم تحويله من قلعة بناها الخليفة الموحدي عبد المومن الكومي ابن ندرومة في القرن 12م، إلى قصر من طرف “يغموراسن” بعد قيام الدولة الزيانية، ويعتبر حسب المتخصصين تجسيدا حقيقيا للطراز الزياني في التصميم والذي نجده أيضا في بنايات قديمة بـ “أوراس” موطن زناتة.
م. بلقاسم