ثقافة

“بشير باردو”.. باحث معماري ينقب عن الهوية الأمازيغية والتراث السياحي في “اوراس حضارة هيقلعين”

يقدم الباحث والمهندس المعماري “بشير باردو” تزامنا ورأس السنة الأمازيغية كتاب “أوراس حضارة هيقلعين”، وهو ذات العمل الذي ينفض الغبار على تراث عريق لكل من قلاع تكوت أمشنوش وعين زعطوط وخنشلة، يأتي ذلك بعد مؤلفه الأول “أوراس هوية عمارة وسياحة”، والذي لاقى رواجا كبيرا واهتماما سواء لدى الباحثين والمهتمين كما الأكاديميين، إلى جانب اهتمامه باللغة الامازيغية والتراث المعماري والحضاري للأوراس.

حوار: رقية لحمر ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

 

ما الفكرة الكامنة وراء تأليفكم كتاب “أوراس حضارة هيقلعين”؟

الفكرة من هذا التأليف اظهار التاريخ ودحض التزييف فأوراس جزء من الجزائر يمتلك تراث ثقافي حضاري تاريخي عظيم لا تمتلكه دول أخرى إلا أننا لا نهتم به بسبب التاريخ الغلط والمزيف وتقمص شخصية غير جزائرية لدي الكثير منا نحن الأوراسيون.

ذكرت الكتاب هو تأريخ مهم لتراث عريق على غرار تكوت وامشونش وعين زعطوط، حدثنا عن ذلك؟

في الكتاب كان اختيار هذه المدن الثلاث ليس اعتباطيا بل من جراء ما تمتلكه هذه الثلاث من تراث هيقلعين كمخازن وتراث هيقلعين كقري لا تزال تقاوم الإنهيارات والتهميش.

فتكوت مثلا بها قرية كبيرة وهي نواة تكون حاليا وعدة قري لعرش اث بوسليمان والملفت للانتباه عبقرية الأجداد في فن العمارة هو أنها تمتلك بمنطقة فركوس مجمع من ستة هيقلعين أعلاها فيه ثمان طوابق وهناك منطقة جار الله بها قلعتان الأولى انهارت تسمى “هامراوث”  والتي تعني العاشرة بتاشاويث من العدد عشرة ألا وهو مراو mraw بتاشاويث وهي منهارة بقي منها أثار فقط وهاقليعث حديثة لا تزال في عزلة ونسيان.

اما هيمسونين “امشونش” فهي لا تزال تحتفظ بالقرية السياحية هابليت إلا أن هاقليعث التخزين دمرها المستعمر الفرنسي سنة 1844 لما تمتلكه من موقع استراتيجي وهناك هيقلعين كثيرة منهارة بها وبقي فيها قرية وهاقليعث حمام اث زرارا تقاوم الإنهيارات.

أما عين زعطوط المدينة الأوراسيون العجيبة التي كانت قبلة للصناعة في اوراس لكثرة الحرف الصناعية بها مثر ورشات الحري ومحلات بيع الحلية وورشات الخياطة والنجارة وصقل الحديد ووو … وحرف كثيرة تشهد بعبقرية اث فرح هي مدينة تستحق التفاتة من قبل الباحثين.

هل كان من الصعب لديكم أن تجدو مراجعا من أجل تقديم دراسة معمارية عن قلاع الأوراس؟

المراجع هي كلها تعود للباحثين الفرنسيين خاصة الأنثروبولوجيين والإتنولوجيين خاصة كل من جارمانتيون وتيراز ريفيار وجاك فوبلي وإيميل ماسو كراي الذين تركوا ارشيفا كبيرا عن أوراس أما البقية فهي دراستي التي قمت بها في الجامعة مع التنقل للمكان قصد التصوير وهناك من ساعدني من المخلصين لأوراس.

أيضا اكتشفت مؤخرا قلعتين بولاية خنشلة، هل هي مشابهة لقلاع الأوراس؟

هو ليس اكتشاف لكن لم نكن نعلم أن هناك في خنشلا قلعتان ألا وهما هاقليعث هيغزا ايفراجن وهاقليعث العامرة باث بربار. وقد وضعتهما في كتابي هذا لعلهما يجدان من ينقب عليهما.

القليل من يكتب في الجانب المعماري ما السبب وراء ذلك؟

الجانب المعماري هو واجة الحضارة لأي منطقة لكن في اوراس الناس لا يفتخرون بتاريخهم الأمازيغي فهم في تحول من شخصية تنتج للحضارة مثل أبائنا وأجدادنا إلى شخصية وهمية مستعربة باتنية مثلا ولقد انتجت هذه العقلية نوعان من الناس في اوراس ألا وهما الشخص الباتني المتاعل والشخص اجبايلي وضاعت الشخصية الشاوية في اوراس بين اجبايلي والباتني فكيف لمتنكر لجزائيته ان يهتم بهذا الجنب رغم أنه يعرف ثقافات المشرق برمتها ويحفظ أغانيه وأشياء أفقدته الاعتزاز بالجزائر عامة وأوراس خاصة.

ما الذي قدمته كإضافة من خلال كتاب أوراس حضارة هيقلعين؟

الإضافة هي اظهار حضارة الأجداد لأنه غفلنا عنها وهمشنا عن تاريخنا فهذا الإضافة تبين عبقرية الإنسان في اوراس وكيف تعامل مع الموقع الجغرافي الجبلي الوعر وانتاجه عمارة أدهشت كل علماء الغرب الذين زاروها من فرنسيين والالمان والهولنديين وانكليز حتى أن الكتب التي كتب عن اوراس في شتى المجالات لا تعد ولا تحصى.

هنالك مطالب لتنصيف بعض هذه القلاع في منظمة اليونيسكو، ما السبيل الى ذلك؟

مطالب التصنيف هي تخص كل المواقع المذكورة في الكتاب وللعلم أن معظم هيقلعين صنفتها فرنسا في التراث الوطني سنة 1928 وإعادة الدولة الجزائرية هذا التصنيف سنة 1964.

تطرقت أيضا الى مجال حماية هذا التراث كيف ذلك؟

 

نعم الحماية أمر ضروري بسن قوانين من الدولة الجزائرية بحماية كل هذه المواقع التراثية لأنها هي المعبر الفعلي عن هويتنا الحقيقية فاهمية الحفاظ على التراث: تكمن فيما يلي

اعتماد سياسة عامة تهدف الى إعطاء التراث المعماري والطبيعي وظيفةً فعّالة في حياة المجتمع، كذلك القيام بدمج حماية هذا التراث ضمن برامج التخطيط الشامل الخاص بالدولة، والعمل على تطوير الدراسات والبحوث العلمية، وابتكار أساليب فعّالة تجعل الدولة قادرة على تحدي جميع المخاطر التي قد تهدد تراثها.

شعور المواطن بالهوية الجزائرية المتميزة وانتقال المعرفة والمهارات عبر الأجيال، وإعادة صياغتها بشكل مستمر.

ارتفاع معدلات النمو والتنمية في البلاد، وازدياد تدفق العملات الأجنبية، والتنمية الاجتماعية والاقتصادية فهي مصدر من أهم المصادر الاقتصادية للبلاد. مع خلق رابطة بين الماضي والحاضر والمستقبل، مما يولد شعوراً بالاستمرارية التاريخية للبلاد.

ولأجل ذالك يجب القيام بالعملية الفزيائية كخطوة أولى الا وهي ترميم كل هذا البناءات المعمارية.

ونحن في رأس السنة الأمازيغية وبمناسبة ينار، ما الذي يمكن أن توجه كرسالة الى السلطات المعنية والمجتمع المدني؟

رسالتي هي أن نقوم كمجتمع ودولة بالرجوع الى ذاتنا الأمازيغية الجزائرية لأن الإنسان الجزائري مبدع منتج للحضارة مفكر وهو انسان عالمي متفتح قدم للإنسانية جمعاء و يجب إزالة ما هو وهم أو بالأحرى إزالة ما هو غير جزائري كان ينتسب الجزائري لقبائل عربية أو يتوهم ذالك فأجدادنا صنعوا لنا تاريخا فلنحافظ عليه ونكون جزائريين مستقلين بفكرنا و شخصيتنا و لأضرب لك مثال على الاعتزاز بالذات و هوية الوطن / في احد المرات طلب رئيس امريكي من البطل العالمي للكونغ فو – جات لي – ان يكون حارسه الشخصي فرفض هذا أخير فساله الرئيس الأمريكي عن سبب رفضه لذلك فأجابه  قائلا اريد ان أكون بطلا عالميا في الكونغ فو و اظهر بها الثقافة الصينة للعالم – و هو يعيش في أمريكا يريد اعلاء الوطن كذالك يجب ان نفعل نحن ايشاوين مع الجزائر عامة و اوراس خاصة.

لنعطي لقراء لمحة وجيزة عن كتاب ““أوراس حضارة هيقلعين

يعد التراث المعماري على اختلاف أنواعه مبعث فخر واعتزاز للجزائر فهو دليل على عراقتها واصالتها التي تعبّر بصدق عن هويتها الحقيقية ويربط بين ماض البلاد وحاضره فهو متنوع بتنوع المناطق الجغرافية في الجزائر وأبرزها بلاد اوراس.

ان سلسلة جبال أوراس، لها تضارس وبنية وعرة تخص موقعها الجغرافي لتكون بذالك موطنًا لشعب عريق وأصيل، يتحدث اللغة الامازيغية / تاشاويث/، يُعرف باسم ايشاوين / Ichawien/. إنها منطقة جبلية شاسعة تبلغ مساحتها حوالي 11000 كيلومتر مربع، وتقع في الجزء الشمالي الشرقي من الجزائر بين السهول المرتفعة والحدود الصحراوية. حيث تتميز بالوادين العميقين والمتوازيين وادي الأبيض ووادي عبدي واودية صغيرة اخرى. حيث تتمتع هذه الجبال بمناخ قاري يتسم بتنوع كبير، مع شتاء شديد البرودة وصيف حار. تضاريس وعرة من الصخور مع أسطح صخرية شديدة الانحدار. بالإضافة إلى ذلك، جفاف المناخ وندرة المياه لا تسمح بممارسة زراعة الحبوب.  لذلك لجأ إيشاوين الى ابتكار أساليب زراعية ثم اقتصادية، فقام ايشاوين سكان الأودية الأوراسية ببناء قراهم على قمم الجبال wedhrar Ich n والمنحدرات Haghrut، حتى يحافظوا على الأراضي الخصبة Ichalen، وكذلك لحماية أنفسهم من فيضانات الأنهار وتكون تلك البناءات في موقع معزول محمي من هجمات الأعداء واخطار الطبيعة.

إن الاستراتيجية التي اتخذها ايشاوين سببها هدف اجتماعي وسياسي أثناء الحروب بين الاعراش. حيث نجد القرى بنيت على نتوءات عند تقاطع جزء من الوادي الصغير مع الوادي الرئيسي او مقابلة في جلّها لجهة الشرق Sammer حيث اشعة الشمس القوية.

كما يتم تجميع المنازل بالتوازي مع خطوط الكنتور التي تشكلها طبوغرافية الموقع، الخاصية المميزة لهذه القرى، فهي فريدة بنسيجها المعماري المميز في استغلال الهضبات، والمنحدرات، حيث تستغل الصخور كجدار خلفي، مما نتج عنه تدرج المنازل التي صممت بفن ومهارة دقيقة جدا لتلبية الاحتياجات الفراغية الفردية للسكان. حيث نتج طابع معماري حقيقي متناغم بين محدودية المواد والألوان والموقع، والأفكار الرائعة التي تأقلمت فيه. فأعظم ما توصل إليه الإنسان في أوراس عبر التاريخ “فن العمارة بأشكالها الرائعة”، التي استطاعت أن تثير اهتمام الباحثين، وتستقطب الكثير منهم خاصة الفرنسيين.

ومن أبرز أنواع هذه العمارة نذكر ما يسمى بالدشرا Hadhchirthأين أنتج هذا الإنسان نسيجا عمرانيا ومعماريا بالتوازي بينه وبين متطلباته ومحيطه الطبيعي، لينتقل بذلك من حياة الترحال إلى حياة الاستقرار وبناء السكن مع بناء مرفق هاقليعث الاقتصادي الذي هو السبب في استقرار انسان اوراس، إنها بداية حضارة عريقة ضاربة في أعماق التاريخ، حضارة منطقة أوراس بصفة عامة، أين تنتشر هذه القرى والمداشر والتي نذكر منها تكوت وهيمسونين ومنعا وغوفي وأكباش وأولاش وارفعا وقيقبا وواد الما وخيران وجلال…… فهذا الإنتاج المعماري هو تحديد للخطوط المفضلة لدي الشاويا مثل لغتهم أو أزياءهم أو لباسهم والأكلات الخاصة بهم. ومن خلال هذا التميز تم بناء الأشكال والتفاصيل المعمارية المحلية التي اصبحت خصوصية أوراسية ايضا. انه الخيال الفريد لهذا المجتمع والذي أصبح يميز هذه المنطقة من الجزائر بتراث اصيل.

فالتراث المعماري على اختلاف انواعه مبعث فخر واعتزاز للجزائر فهو دليل على عراقتها واصالتها التي تعبّر بصدق عن هويتها الحقيقية ويربط بين ماض البلاد وحاضره فهو متنوع بتنوع المناطق الجغرافية في الجزائر وأبرزها بلاد اوراس التي لجأ اليها ايشاوين واحـسّوا في مأمن بها أكثر من أماكن أخرى، حيث تكونت بها أعراش كثيرة حريصة على استقلاليتها، ونجد في عدة مناطق آثار منها الحضارة الحجرية وعلامات لحضارات عريقة.

فأوراس يعتبر من أكثر المناطق في الجزائر الزاخرة من حيث التراث الذي يمثل العديد من الحضارات المتعاقبة على بلادنا وأبرزها حاضرتنا الأمازيغية المهمشة التي انتجها أبناء اوراس هذه الحضارة الفريدة من نوعها والتي لا تشبهها حضارة أخرى لذا اوراس هو مهد للحضارات والثورات ومن هنا نلاحظ ان اوراس يحتل مكانة كبيرة من حيث المادة التراثية خاصة التراث المعماري والعمراني المحلي الذي انتجه اجدادنا ايشاوين. هذا التراث الذي واجه ولا يزال يواجه العزلة والنسيان والإهمال والتهديم المستمر ولا مسؤولية الجميع افراد ومجتمع وسلطات ويرجع ذالك ايضا الى عدم تقييم او تثمين هذه المباني والقرى الأوراسية كمادة تراثية لها قيمة تاريخية وثقافية تخص المنطقة.

إن القرى في اوراس لها خصوصية عمرانية معمارية تتميز بها من جانب النسيج العمراني الفريد من نوعه فالمساكن المكونة لهذه القرى او المدن لها طابع معماري قديم تاريخي وأثري وكذلك المباني الأخرى من معاصر ومخازن التخزين الجماعي والمعابد الى غير ذالك من المباني. الا ان أشهرها هيقلعين / التخزين الجماعي / فالكل يندرج تحت مفهوم العمارة البيئية حيث الانسجام بين الموقع من قمم الجبال والمنحدرات الشديدة الميلان التي تأثر على المساكن والمرافق. ان المدن او القرى في اوراس التي يُطلق عليها اسم هاقليعث او هاقليحث وكذا هاذشيرث، هي مدن مصمّمة بنمطٍ معماريٍّ تحصينيّ دفاعيّ. فجل القرى لها حجم صغير او متفاوتة الحجم أمّا بالنسبة إلى تصميمها الداخليّ فتتميّز مبانيها بلون مادة البناء المحلية، مواد بنائيّةٍ محلية تُساهمُ في حفظ درجات الحرارة الداخليّة صيفاً وشتاءً، ممّا يجعلُ منها مباني موفّرةً للطاقةِ، كما يوجد في كلّ قرية مخزن جماعي ومسجد او مصلى خاص، وربما زاوية تعليم، وافران او فرن مشترك، ومعصرة زيتون.

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.