
عندما تولى الراحل عبد العزيز بوتفليقة رئاسة الجزائر عام 1999 كان من بين أولوياته أن يعيد للجزائر مكانتها في العالم، وتنفيذا لالتزامه هذا، كان يكثف من زياراته الدولية، والحقيقة أنه كان دبلوماسيا من المستوى العالي، حيث كان يبعث برسالة مجاملة لرئيس أو ملك أو أمير أو حتى رئيس حكومة أية دولة يمر عبر مجالها الجوي في طريقه إلى الدولة محل الزيارة، وكان هذا عرفا دبلوماسيا أوجده بوتفليقة رحمه الله.
بالأمس، قادت زيارة عمل وزير الرياضة وليد صادي إلى ولاية خنشلة، وكان لزاما على صادي أن “يستعمل مطار” الشهيد مصطفى بن بولعيد بولاية باتنة ويكمل طريقه برا إلى خنشلة، وعندما نقول زيارة عمل فلا شك أن حقيبة الوزير لا تخلو من “عطايا أو هدايا”، وإن خلت فيكفي أنه برمج “زيارة رسمية” إلى ولاية خنشلة بهدف الوقوف على واقع الرياضة بها، وليس بهدف “الاستجمام” أو الاستحمام في “حمام الصالحين”، وهنا نتساءل، كيف لم يتم إدراج ولاية باتنة ضمن جدول أعمال “وزير الرياضة الوطنية” وهو يعلم بأن “عاصمة الأوراس ستكون محطة” ينزل بها لإكمال طريقه إلى “خنشلة”؟
الإجابة طبعا تتضمن عدة احتمالات، فإما أن “محيط صادي” لا يجيد ترتيب وتنظيم جدول الأعمال، حيث غابت عنه فكرة أن زيارة واحدة من شأن صادي أن يقوم فيها بعدة نشاطات في عدة ولايات، خاصة وأن ولاية باتنة إحدى أهم الولايات في الشرق الجزائري عامة وفي منطقة الأوراس على وجه الخصوص، وإما أن محيط صادي قد تعمد “إلغاء ولاية باتنة” من برنامج “الوزير” كليا، وإما أن محيط صادي قد تبنى طريقة جحا “هاهي وذني” بحيث ستبرمج زيارة الوزير إلى باتنة في وقت لاحق وهذه قمة سوء التسيير والتدبير.
هناك احتمال آخر أيضا، ونتمنى أن يكون خاطئا، وهو أن ولاية باتنة في نظر “وزير الرياضة” ومحيطه غير معنية بالرياضة، وفي هذا الصدد، يجدر بنا تذكير صادي ومحيطه أن باتنة تشهد نهضة رياضية حقيقية وهي من تضم أندية كبيرة في كرة اليد على غرار “نادي وفاق عين التوتة”، وأندية كرة طائرة على غرار نادي “كاستال ثنية العابد”، وأندية كرة قدم حديثة العهد لكنها كبيرة بإنجازاتها على غرار “نادي النجم الرياضي الأوراسي” بثنية العابد، وغيرها من الأندية والفرق في مختلف الرياضات، دون أن ننس طبعا الأندية العريقة على غرار مولودية باتنة، ونادي شباب باتنة، واللذين يعيشان أسوأ أيامهما بسبب عديد النقائص أبرزها غياب الدعم المالي الذي تحظى به أندية في عدة ولايات في إطار “الرعاية”، وكذا غياب “ملاعب وقاعات رياضية لائقة بالولاية وبمكانة الولاية وبالجمهور الرياضي في الولاية”، وهذا ما كان يفترض أن يأخذه الوزير بعين الاعتبار، فيفعل كما كان يفعل الرئيس الراحل عبد العزيز بوتفليقة ويتذكر الأندية والفرق البارزة والمجتهدة خاصة تلك التي تشارك في منافسات قارية وعالمية وترفع راية الجزائر في المحافل “بهدايا رمزية تحفيزية على الأقل”، أو أن يخص باتنة “بلقاء للأسرة الرياضية بها” والإعلام الرياضي للاستماع لانشغالات الرياضيين والوقوف على مشاكل الرياضة بالولاية، أما أن تكون باتنة مجرد “مضافة” لعابر سبيل في نظر صادي، فهذا ما يمكن اعتباره أول سقطة له كوزير علق عليه “البعض آمالا” في مهمة تعزيز الدبلوماسية الرياضية عالميا وإقليميا وقاريا وإذ به يسقط في أول اختبار محليا.
حمزه لعريبي