
صلاة الصبح لها وقت محدد شرعا يبدأ من طلوع الفجر الصادق الذي هو البياض المنتشر في الأفق يمينا وشمالا ويمتد إلى طلوع الشمس فلا يجزئ أداؤها قبل هذا الوقت ولا يجوز تأخيرها عنه.
والأدلة الصحيحة دالة على أفضلية تعجيل صلاة الصبح بعد التحقق من وقتها بحيث تؤدى “بغلس” ومعناه ظلمة آخر الليل إذا اختلطت بضوء الصباح كما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم واستمر عليه فعله.
قال ابن قدامة في المغني: وأما صلاة الصبح فالتغليس بها أفضل وبهذا قال الشافعي وإسحاق وروي عن أبي بكر وعمر وابن مسعود وأبي موسى وابن الزبير وعمر بن عبد العزيز ما يدل على ذلك.
قال ابن عبد البر: صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وعن أبي بكر وعمر وعثمان أنهم كانوا يغلسون، ومحال أن يتركوا الأفضل ويأتون الدون، وهم النهاية في إتيان الفضائل.
إلى أن قال: ولنا ما تقدم من حديث جابر وأبي برزة وقول عائشة رضي الله عنها: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الصبح فتنصرف النساء متلفعات بمروطهن ما يعرفن من الغلس. متفق عليه.
وعن أبي مسعود الأنصاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم غلس بالصبح ثم أسفر مرة ثم لم يعد إلى الإسفار حتى قبضه الله. رواه أبو داود. قال الخطابي: وهو صحيح الإسناد.
وقال ابن دقيق العيد في إحكام الأحكام شارحا الحديث المتفق عليه السابق: الغلس اختلاط ضياء الصبح بظلمة الليل.
وفي هذا الحديث حجة لمن يرى التغليس في صلاة الفجر وتقديمها في أول الوقت، لا سيما ما روي من طول قراءة النبي صلى الله عليه وسلم في صلاة الصبح، وهذا مذهب مالك والشافعي، وخالف أبو حنيفة، ورأى أن الإسفار بها أفضل لحديث ورد فيه: أسفروا بالفجر ، فإنه أعظم للأجر.
وعليه، فإذا كان المسلم يصلي الصبح بغلس بعد التحقق من وقتها الشرعي وهو طلوع الفجر الصادق، فقد أصاب السنة التي استمر عليها النبي صلى الله عليه وسلم حتى آخر حياته كما ذكرنا.
والضابط المعول عليه شرعا في هذا هو ضياء الصبح وظلمة الليل، والساعة المستخدمة الآن لضبط الوقت إنما هي دليل على ذلك وعلامة عليه.