العمود

الوتر الحساس

وجب الكلام

يبدو أنه بات بإمكاننا الجزم بأن كثيرا من وسائل الإعلام قد خبرت الجمهور الجزائري، أو بالأحرى خبرت طريقة تفكير الأغلبية من هذا الجمهور وتمكنت من اكتشاف نقاط الضعف لديه حتى باتت ناجحة في التلاعب بآرائه أو دعونا نقول توجيه آرائه، وذلك من خلال الاعتماد على مخاطبة العاطفة واستثارة المشاعر بالإضافة إلى استغلال النقائص في البلاد وبعض الممارسات التي يمقتها الجزائريون، وبهذا يتكون رأي عام بناء على توجيه الوسيلة الإعلامية.

منطقيا، وعندما يولي الإنسان العقل مكانة أسمى فإنه يستوعب بأنه من الضروري ومن الطبيعي ومن المعقول والمنطقي أن يجتهد الإنسان ويناضل من أجل بلوغ غايته، حتى أن ديننا الحنيف يحث على الأخذ بالأسباب ثم التوكل على الله، أي أنه من الضروري على الإنسان أن يبادر ويعمل ويجاهد ثم يتوكل على الله، وبهذا يتبين لنا بأن ديننا الحنيف الذي هو بالنسبة لنا كمسلمين أسمى القوانين والدساتير قد حثنا على العمل ثم يأتي بعد ذلك التوكل على الله بمعنى أن التوفيق من الله لهو بمثابة جزاء للسعي، فلا توفيق بلا سعي طبعا إذا ما فهمنا واستوعبنا جيدا معنى كلمة “التوفيق”.

بالنسبة للحديث عن الأختين اللتين تم إقصاؤهما من امتحان شهادة البكالوريا في ولاية تمنراست بسبب التأخر، وعندما نتحدث بلغة العقل “لا العاطفة” فسنلاحظ  بأنه من الغريب أن تصور “بعض وسائل الإعلام” للجمهور على أن مسؤولية إقصائهما تتحملها “الوزارة الوصية” أو حتى الدولة، بحجة انعدام النقل، وتحت مسمى “وفرولهم النقل ما يتأخروش”، من الغريب أن تلقى المسؤولية على “غير الأختين” طالما أنه قد أتى في التصحيح والتصويب من مديرية التربية بولاية تمنراست بأن منزلهما لا يبعد أكثر من مائتي متر عن مركز الامتحان، وهذا ما يوحي بأن الأمر يتعلق بتقصير لا بظلم، رغم علمنا ويقيننا بأن الظلم قد طغى في بلادنا في كثير من المجالات وعلى كثير من الأصعدة، غير أن ما نراه في موضوع الأختين هو أن “بعض وسائل الإعلام” قد وجهت الرأي العام إلى ما تتفاعل معه العاطفة لا مع ما يتقبله العقل، فأيا كان السبب الذي هو مجهول بالنسبة لنا إلا أنه يجدر بنا طرح تساؤل كيف لأطراف إعلامية ما ألا تتناول موضوع إقصاء مترحشين آخرين في ولايات أخرى فاق عددهم حسب ما هو متداول السبعين مترشحا؟ ولماذا تم التركيز على “أختين من الجنوب” الجزائري؟ يبدو لنا بأن الأمر لا يتعدى كونه لعبا على وتر “الجهوية” والرغبة في اجترار “قصة الجنوب المحقور”.

بالنسبة لنا، فإن المنطق والعقل يقولان بأن أي شخص ينتظره امتحان رسمي ومصيري فإن عليه الأخذ بالأسباب ثم طلب التوفيق من الله، وإن عليه أن يكون مسؤولا لا مستهترا، لأنه من غير المقبول التقاعس والتقصير ثم اتهام الغير بممارسة اللاعدل والظلم، ومن غير المقبول أيضا أن يقبل عذر أي متقاعس وأي مقصر بعد تجاوز الوقت المحدد للامتحان والذي أصر على التذكير به بشتى الطرق حتى في الاستدعاء، والأمر الذي نصر على لا منطقيته هو أن “تصور وسائل إعلام جزء من الحقيقة” أو بالأحرى أن “تقدم للجمهور ما ترغب هي في أن يتوهم بأنه حقيقة” بناء على اللعب على الأوتار الحساسة أين يمكن أن تتسبب بذلك في إثارة ما ليس في صالح البلاد والعباد إثارته.

حمزه لعريبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.