النواب يمررون الميزانية الأضخم في تاريخ الجزائر
ثلثها يذهب لتغطية الأجور وتحسين الإطار المعيشي للمواطن
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
تحفيزات غير مسبوقة لإنعاش الاقتصاد الوطني خارج ريع المحروقات
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
وجدت الأرقام الإيجابية التي تلاها وزير المالية السيد لعزيز فايد ما يدعم مصداقيتها وسط ممثلي الشعب بمناسبة المصادقة على مشروع الموازنة العامة للعام الجديد، وتعدى التصديق على أرقام ممثل الحكومة رقعة الجغرافيا الوطنية في ظل انتزاع اعتراف الهيئات المالية الدولية التي وضعت نسبة نمو الاقتصاد الجزائري على رأس قائمة منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا للسنة الجارية، في حين جاء قانون الموازنة للعام 2025 ليُعلي من شأن الجبهة الاجتماعية الداخلية ويعمل على تحصينها بفضل إضفاء طابع التضامن الرسمي من خلال عزم الحكومة على حماية وتأمين قوت الجزائريين من أي أزمات طارئة أو مفتعلة.
عبد الرحمان شايبي ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
انطلقت الأرقام الرسمية حول واقع وتطلعات الوضع المالي العام للبلاد من الوضع الصحي الجيد الذي تعرفه الجزائر وكسبها جميع الرهانات المرفوعة بداية العام الحالي، وتعدت التوقعات المبدئية أحيانا وفق ما خلصت إليه تقارير مالية دولية حول معدلات النمو التي سجلت ما يمكن تسميته “طفرة” وهذا بالنظر إلى الوضع الاقتصادي العالمي، حيث تصدر الاقتصاد الوطني بيانات منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا في نسب النمو.
وبلغة الأرقام اعتمدت الحكومة ميزانية هي الأضخم في ميزانيات الجزائر المستقلة لامست سقف 128 مليار دولار.
وتضمن قانون المالية تدابير جديدة جاءت لإعطاء ديناميكية أكثر فعالية على مستوى تحريك عجلة الاقتصاد الوطني من خلال التخفيض في الضرائب وتمديد التسهيلات الجبائية المعمول بها منذ سنتين، ومن شأن تمديد العمل بها للسنوات الخمسة المقبلة أن يضفي تعزيزا إضافيا للاقتصاد الوطني الذي بات يشهد مرحلة تنوع غير مسبوقة في قطاعات بعيدة كليا عن المحروقات والنفط.
وتكشف التدابير المتخذة في مجال ترقية الاستثمار الطريق الذي سلكته الجزائر دون رجعة في إنعاش بقية القطاعات القادرة على حماية الاقتصاد الوطني من أي أزمات قد يتعرض لها سوق النفط الدولي، وتأتي حاضنات الأعمال والمؤسسات الناشئة على هرم المستفيدين من التدابير المستحدثة والتي تهدف إلى ترقية الاستثمار خارج الريع البترولي.
وفي هذا الصدد تقرر زيادة رأس المال الاجتماعي للصندوق الوطني للاستثمار من 150 مليار دج إلى 275 مليار دج من أجل إعطاء دفع لدعم الاستثمار، إضافة إلى تمديد الضمان الممنوح من قبل صندوق ضمان الائتمان للشركات الصغيرة والمتوسطة لدى البنوك والمؤسسات المالية لتغطية جميع القروض الاستثمارية.
وخص قانون الميزانية الجديد جانبا مهما منه لدعم القدرة الشرائية والوقوف إلى جنب المواطن في إطار تفعيل سياسات التضامن الوطني.
ويذهب “ثلث” ميزانية السنة المالية المقبلة في دعم الأجور ورفعها، والحفاظ على مناصب العمل واستحداث المزيد منها، وفق ما تقتضيه التحولات الداخلية سيما استحداث ولايات منتدبة جديدة وترقية المنتدبة منها إلى مصف ولايات كاملة الصلاحيات، بجانب الخارطة الوطنية للتوظيف واستقطاب المشاريع الخلاقة للثروة والمدرة للعمل.
كما التزم قانون الموازنة باستكمال مسار رفع الأجر القاعدي إلى غاية بلوغ 50 بالمائة نهاية السنة المقبلة.
ونص قانون المالية على تحسين الإطار المعيشي للمواطن بدءا من قاطني المشاتي والأرياف إلى المجمعات الحضرية والمدن الكبرى من خلال تجسيد برامج تصب في خدمة المواطن وتحسين الخدمات المتداولة.
وجاء في أرقام وزارة المالية تحقيق ناتج خام للسنة الجارية بإجمالي 267 مليار دولار طابقت توقعات التنمية والحركة الاقتصادية بالبلد السنة الجارية، ما يشجع على الذهاب مباشرة نحو أرقام أكثر طموحا وضعت لها السلطة خارطة طريق من أجل بلوغ مداخيل عامة في حدود 400 مليار دولار كناتج خام أفق 2027.
واعتمد قانون الموازنة المقبل سعرا مرجعيا للبترول قدره 60 دولارا للبرميل وهو رقم قال متابعون وكذلك متدخلون في جلسة المصادقة أنه كفيل بامتصاص أي تقلبات طارئة تعصف بسوق النفط العالمي.
وحقق الميزان التجاري للسنة الجارية فائضا قدره 2.8 مليار دولار، مثلما حققت الخزينة العمومية مداخيل في حدود 07 مليار دولار خارج المحروقات مع بلوغ 72 مليار دولار احتياطي الصرف من العملة الصعبة وفق تنبؤات الإغلاق المالي للسنة 2024.
ومهدت الأرقام التي تردد صداها الإيجابي بقاعة الغرفة السفلى في جلسة المصادقة على قانون الميزانية للعام الجديد الأربعاء الفائت الطريق لتحقيق أرقام أجود وأثقل العام القادم وأن الجزائر في الاتجاه الصحيح للمنافسة على صدارة الاقتصاد القاري والاقتراب في هدوء من قمته حسبما تفصله المؤشرات وتدعمه التدابير والإجراءات حتى الآن.
وأبعد قانون الموازنة الحديث مرة أخرى عن اعتماد أي زيادات اعتاد المواطن التصادم بها مطلع كل سنة ميلادية من الوقود إلى القوت اليومي فعلى العكس من ذلك خصص القانون أرقاما ضخمة تلامس 600 مليار دج لدعم القدرة الشرائية وحماية المواطنين من ذوي الفئات الهشة والمتوسطة من تقلبات سوق الأغذية والمواد ذات الاستهلاك الاجتماعي الواسع.
في المقابل كسف قانون الموازنة عن “رغبة” قوية في بناء اقتصاد متين يقوم في استقراره على استقطاب الاستثمارات الخاصة والعمومية ويغري الرأسمال الوطني كما الأجنبي من اجل استكمال عملية الانطلاق الاقتصادية الواعدة التي التزم بها رئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون في المعترك الرئاسي الأخير.