
للنقل المدرسي أهميته البالغة في تحسين ظروف التمدرس ورفع الغبن عن أبناء المناطق النائية والأحياء التي لا تتوفر على مدارس قريبة تمكن التلميذ من التنقل دون الحاجة إلى استعمال وسائل النقل، أذكر أنني شاهدت فيلما وثائقيا عن النقل عموما في اليابان وكان من بين ما يلفت الانتباه ويُعظّم مشاعر الاحترام والتقدير لوزارة النقل فيها والتعليم أن طفلة واحدة في قرية نائية دفعت بهم إلى توفير حافلة لنقلها على مدار سنوات التمدرس وفي شتى المراحل إلى أن انتقلت إلى الجامعة، تلميذة واحدة كان باستطاعتهم دمجها ضمن النظام الداخلي وتنتهي مشكلتها إلا أنهم لم يحرموها من النقل المدرسي لكونه “حق” غير خاضع للمساومات والمفاوضات والتحايل بأي شكل من الأشكال..
إلا أننا في الجزائر ما نزال بعيدون جدا عن مثل هذه المواقف التي تثبت مدى احترام “الدولة” لمواطنيها واحترامها للحقوق، حيث أن هناك الآلاف من التلاميذ في مختلف الأطوار يعانون من انعدام النقل عموما أو تذبذبه ناهيك عن توفير النقل المدرسي الذي راهنت عليه وزارة التربية قبل سنوات إلا أنها خسرت رهانها بتسجيل هذا الغياب الذي أرهق الآلاف من العائلات مع معاناة أبنائها وهم يواجهون البعد والبرد وكل عوامل الطبيعة القاسية في مسيرتهم نحو تحصيل العلم والنجاح، علما أن الكثير منهم تخلوا عن أحلامهم وطموحاتهم وتطلعاتهم لانعدام النقل وعدم توافر بدائل تمكنهم من تجاوز الصعوبات والمشاكل وكل ما من شأنه أن يذلل لهم طريق العلم الشاق..
ويعتبر فصل الشتاء العدو رقم واحد لجميع المسؤولين الذين لا يلتزمون بشيء من تعهداتهم التي تنتعش مؤشراتها عند كل استحقاق انتخابي أو زيارة رسمية ثم سرعان ما يتم ركنها على هامش الاعتبار والتكفل والاهتمام، لكونه يعمل على فضح وعودهم الكاذبة والمتعددة سواء ما تعلق بإصلاح الطرقات الفاسدة وإعادة تهيئتها أو كشف التلاعبات في العمليات الإصلاحية غير الخاضعة للمقاييس، أو ما تعلق بالنقل المدرسي الذي يعتبر قضية ذات أهمية بالغة لتأثيرها الكبير على حقوق متعددة للتلاميذ والأهالي زيادة عن كون هذا الغياب قد يتسبب في حوادث مؤلمة للتلاميذ المحرومين بالإضافة إلى إمكانية تعرضهم لمخاطر الاعتداءات والخطف والتحرش في أثناء توقيفهم لمستعملي الطريق..
لهذا فإن معاناة عديد المناطق النائية وحتى بعض الأحياء الحضرية من غياب مدارس قريبة أو النقل المدرسي يجب أن تتوقف اليوم قبل الغد وأن هذا المقال بمثابة تقرير إلى السيد رئيس الجمهورية الذي شدد على ضرورة توفير النقل المدرسي وحذر من أي تأجيل أو تقاعس بالخصوص بينما الواقع لا يعكس أبدا أي التزام بالتعليمات.
سماح خميلي