العمود

المنتوج المحلي

لكل مقام مقال

منذ أن بدأت سياسة التوجه نحو تشجيع المنتوج المحلي في كثير من المنتجات الزراعية و التحويلية و غيرها من المنتجات الصناعية والكهرومنزلية وما إلى ذلك من المواد الاستهلاكية اختل نظام التسعير على مستوى الأسواق وظل بوتيرة مرتفعة لا تلبي احتياجات المواطنين وتتفوق على قدرتهم الشرائية إلى درجة أن بعض المنتجات كالتفاح الذي ينتج بالقناطير والذي تتفاخر الجزائر بتنوعه قد غاب عن الموائد الجزائرية بسبب أسعاره الخيالية، وكذلك هو الشأن بالنسبة للبطاطا والطماطم وباقي الخضروات والفواكه التي كانت قبل سنوات من أكثر المواد التي تستوردها الجزائر من الخارج وتطرحها بأسعار معقولة لم تكن لتثقل كاهل المستهلك وكانت في متناول جميع الفئات المجتمعية..

وبعد إطلاق “مشاريع القرن” للاستثمار في المنتجات الوطنية تحت شعار منتوج بلادي وضرورة تشجيعه واقتنائه والتخلص من التبعية وأنه لا خير في أمة لا تأكل مما تزرع ولا تلبس ما تخيط وتصنع ولا تستعمل ما يُصنع على ترابها وبمواد محلية أقل تكلفة وخدمة للاقتصاد الوطني كانت النتائج كارثية مقارنة مع بداياتها المحسوبة لصالح البلاد والعباد..

وكل تلك الطموحات والأحلام ظلت تراوح مكانها بل وتحولت إلى كوابيس يومية تلاحق جيوب المواطنين و تدفع بهم للترحم على أيام “العز” و”الاستيراد” والتنوع الغذائي والأسعار التنافسية  و (كي كانت البركة) وكل العبارات التي تعود بنا إلى أيام من الرفاهية التي لطالما حُسد عليها الجزائريون..

ولا ضير في كون بعض المنتجات الوطنية تأخذ مقاييسها العالمية من خلال جودتها العالية والتي تؤهلها للمنافسة والتفوق، لكن ما يؤسف له أنها تتفوق حتى على قدرة المواطن على اقتنائها و هو ما يطرح عديد التساؤلات بشأن ضرورة خيار المنتوج الوطني على غيره من المنتجات وتشجيعه حتى لا يلقى الكساد والإعراض عنه، وإن كانت هذه المراحل غير المرغوب الوصول إليها باتت حتمية بسبب المقاطعة غير الاختيارية والتي فُرضت على المستهلك الجزائري لغلاء المنتجات الوطنية في حين أنه مطالب باختيارها و تشجيعها بينما سيطرتها على الأسواق لم تُحدث فارقا بقدر ما أضرت بالقدرة الشرائية وعملت على فرض أسواق متذبذبة وغير مستقرة تحكمها قوانين المضاربة والندرة ويكسرها الغلاء، ولا يمكن بأي حال أن يكون هذا الوضع الذي نعيشه غير مدروس أو مُخطط له من طرف المافيا الاقتصادية لمحاربة كل جهود التغيير والاستثمار في المنتوج الوطني ومن ثَمّ إضعاف القطاعات الحيوية في البلاد وإخضاعها للتبعية بالأساليب التي تسمى أزمات مفتعلة وما تبعها من تداعيات.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.