
من القواعد القرآنية التي اتخذها البعض على غير مقصدها الصحيح والمتمثلة في آية “الصلح خير” التي جاءت في سياق محاولات الإصلاح بين الأزواج، وكما جاء في التفاسير أن المقصود بالصلح سواء في هذه الآية القرآنية وموضعها أو بإطلاق عام فالصلح ما تأنس إليه جميع النفوس ويزول به الخلاف وذلك بإقامة العدل بينهم وإعطاء كل ذي حق حقه، إلا أن المجتمع جعل من مطلب الصلح وسيلة لإعانة الظالم على المظلوم وأكل الحقوق على حساب عدم التمكين للمظلوم لأخذ حقه وإرضائه، ولا أحد عادة وهذا في عديد مجالس ما يسمى “بالجماعة” في الجزائر يطالب الظالم برد الحق المطلوب عنده أو تقييمه إن كان معنويا وتقديم عوض يتناسب مع الخسارة، وإن تم ذلك فإنه لا يعوض المظلوم فعلا بقدر ما يُقدم له مبالغ زهيدة لا تحل المشكلة القائمة وإنما تُعقدها خارج “الجماعة”، وكثيرا ما اشتكى المظلومون من انحياز الناس للظالم وإن كان موقفهم هذا لا يكون ظاهرا للعيان وإنما ذلك بالتضييق على المظلوم من طرفهم ومحاولات إرغامه على فض النزاع والتنازل على حقه تحت مسمى “الصلح خير” ويتم إحراجه بشتى الطرق من كلام وعناق وترديد عبارة (كون خير منّو) وما جرى على هذا المنوال من كلمات يحاولون بها وضع الظالم والمظلوم في كفة واحدة وهذا ليس من العدل في شيء وليس من تعاليم ديننا الحنيف الذي يحرص على إرجاع الحقوق وحفظها ورفع الظلم وسيادة العدالة في المجتمع..
ولا يمكن إقرار الصلح إلا في حال الرضا الكلي والفعلي من الطرف المتضرر وإلا فإن فيه قصور سيكون له أثره البالغ حيث قد تعود الخصومات إلى بداياتها وسابق عهدها في حال لم تكن قائمة على أسس صحيحة، لهذا فإن الذين يقفون إلى جانب الظالم بدعوى “الصلح خير” عليهم أن يراجعوا حساباتهم، وعليهم أن يعوا أن هناك مظالم ظلّت على حالها دون إحقاقها لمستحقيها لمجرد الانحياز إلى ضرورة تفادي الخصومات وهو ما يكون لصالح الطرف الظالم أو المعتدي أو الجاني وهذا ما شجع من جانب آخر استسهال الاعتداءات بكل أنواعها وصورها وعزز حجة الطرف القوي دون الطرف الضعيف بـ”فيتو” الصلح خير الذي هو مقصد خير وحق لطالما استُعين به على باطل.
سماح خميلي