العمود

المضاربة وكسر المضاربين

لكل مقام مقال

للمضاربة معان مختلفة وتعريفات شرعية وقانونية ولها من الأحوال ما لا يمكن حصره في عُجالة، إلا أنها أخذت أبعادا خطيرة وممارسات في الواقع الجزائري تكشف عن مدى تغلغل المضاربين وسيطرتهم على عديد القطاعات والأسواق وهو الوضع الذي ساهم في خلق الأزمات وتواترها والتحكم في الأسعار وفق ما تقتضيه مصالحهم خارج حسابات الشعب وكرامة المواطنين..

وعلى الرغم من الإجراءات الصارمة والرادعة بشأن المضاربة والمضاربين وتشريع قوانين مستجدة إلا أن غالبيتهم ما يزالون في الخفاء يحركون الأسواق ويهيمنون على غالبيتها مع تشعب المصالح وتداخلها وهذا ما يفسر كثرة افتعال الأزمات والغلاء الذي بات علامة تنافسية لا تعرف التراجع أو الانخفاض، فيما تشهد الكثير من المنتجات أسعارا غير مقبولة أو ندرة غير مبررة إلا بتدخل يد المضاربين الذين عادة ما تكون أعمالهم غير مرصودة بينما يتموقعون في الظل والكواليس ولا يظهر منهم سوى تأثيراتهم السلبية ومشاكلهم وأزماتهم مع إصرار كبير على تحدي قرارات الدولة وقوانينها معتبرين أنفسهم الحلقة الضعيفة التي لا تنال سوى الجعجعة مقابل مكاسب فارغة مقارنة مع هوامش أرباحهم الفعلية..

ومنذ دخول المضاربين وتصدرهم الواجهة التجارية والاقتصادية والمواطن يدفع أثمانا باهظة من استقراره الاجتماعي والمعيشي وانهيارات غير مسبوقة في قدراته الشرائية مع استغلال حاجته والاستثمار فيها وحرمانه من متطلبات الحياة الأساسية والضرورية وفرض مقاطعة إجبارية لكل المواد المصنفة ضمن حياة الرفاهية رغم أهميتها في إحداث التوزان..

وحتى تتمكن المصالح المعنية والسلطات من تسيير الأسواق وتنظيمها وتسقيف الأسعار فيها يجب ألا تخضع متابعة المضاربين والمحتكرين للارتجالية وعشوائية القرارات والتهم والخلط بينهم وبين التجار والفلاحين وإن كانت لهم بعض التجاوزات والمخالفات والزيادات إلا أنها لا يمكن أن تُصنف ضمن المضاربة وجرائم المضاربين حتى لا يسود الظلم ويتم استغلال قانون المضاربة نفسه لغير ما وُضع له، فتتأزم القضية وقد يساعد هذا في تهرب المضاربين الفعليين أمام تورط فئات لا علاقة لها بفعل المضاربة والاحتكار، وهذا ما سيتيح فرصا للتمادي وزعزعة الأسواق، وتدخل الدولة بسياسات الدعم وكسر الأسعار واللجوء إلى حلول متوازية مع وجود المضاربة لن يكون سوى استنزافا للأموال إذ المواجهة وكسر المضاربة بحد ذاتها وإعلان الحرب على مفتعليها سيضمن الاستقرار المأمول الذي سيُلقي بتأثيراته على المستوى المعيشي والقدرة الشرائية وكرامة المواطنين المستهدفة بافتعال أزمات الندرة والغلاء.

سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.