العمود

المضاربة الوجه الآخر للظلم

لكل مقام مقال

قبل سنوات قليلة وبعد توالي الأزمات المتعلقة بالمواد الغذائية الموصوفة بالحيوية والضرورية والتي عادة ما تكون ذات أهمية للمستهلك في سلسلته الغذائية ولا يمكنه استبدالها أو الاستغناء عنها تعويضها بمواد أخرى إلا فيما ندر، تم استصدار قانون المضاربة مع تشديد التعليمات بشأن تطبيقه الحرفي، ورغم أن فرض عقوبات على المضاربين الفعليين وأباطرة افتعال الأزمات وإقحام المواطن في متاهات الانعدام والندرة والغلاء والأسواق السوداء كان مطلبا شعبيا متفقا عليه، إلا أنه تم رصد عديد الضحايا الذين لم تكن لهم نية في المضاربة ولم يكونوا مضاربين في الأساس وقد أدينوا حسب ما هو رائج بعقوبات ثقيلة من سجن وغرامات لا تتلاءم مع “الجرم”، علما أن الإفراط في التجريم والعقاب يؤدي إلى حالة من انعدام الثقة بالنظام العدلي واهتزاز الشعور بالأمان من طرف الشعب، حيث يصبح “الجميع” محلا للاتهام والمُساءلة لمجرد العمل في مجال بعينه أو عدم الحرص على بعض التفاصيل التي تتحول دون سابق إنذار إلى تهم غير متوقعة، وقد حدث خلط كبير ومنذ صدور قانون المضاربة بين كثير من الحالات التي تبدو متشابهة إلا أنها في واقع الأمر لا علاقة لها ببعضها البعض وهذا ما أدى إلى نشر “الذعر” بين المستثمرين الفلاحيين والفلاحين والحرفيين والتجار والتهديد ما أوقعهم في التردد بين الاستمرار في العمل والإنتاج أو التوقف مخافة التعرض لاتهامات لا يُعرف لها من سبب واضح بوجود تقارير جاهزة للإدانة، ومما يؤسف له أن هناك من يسيء التقرير والتقدير عن حسن نية وخدمة للمواطن وتطبيقا للقوانين التي وضعها المشرع للحماية مع إتاحة التسوية والطوعية لا الجمود..
وإقحام شعبة التفاح في حرب المضاربة المعلنة فيه نوع من “الإخفاق” إن صح التعبير خاصة وأنه من المنتجات سريعة التلف والتي تستوجب التخزين الفوري والبيع على دفعات إلى حين استهلاك كامل المنتوج مع الحفاظ على هوامش ربح معقولة بين توفيره في مواسمه وغيرها من أيام السنة وفصولها، وزيادة عن كون التفاح ليس مادة ضرورية بالمقاييس المتعارف عليها ويمكن الاستغناء عنها ومقاطعته كما يمكن اقتناؤه بالأسعار المتاحة، وهنا يُستوجب تدخل المصالح المعنية لتسقيف أسعاره أو مراقبتها وهي من تتحمل غلاءه بأي حال..
وتخزين التفاح ليس له أي علاقة بالمضاربة ويكفي التصريح والالتزام بما شُرع من قوانين وتعليمات بالخصوص، علما أن ما يواجهه المستثمرون اليوم من تضييقات قد يكون له أثر كبير في مستقبل الفلاحة الذي راهنت عليه الدولة في مسيرة النهوض والتغيير وقد نخسر أشواطا من التقدم بدلا من ربح مراحل من النجاح والاكتفاء والتصدير وقس على ذلك بقية الشُّعب والمجالات والقطاعات ولمسؤولينا واسع النظر وحنكة التقدير.
سماح خميلي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.