
حصدت آلة العنف في الجامعات الجزائرية أرواح وضحايا كثيرة، خاصة في الآونة الأخيرة، وفي فترة لم تتجاوز الأسبوعين، ما يثير مخاوف وقلق كثير من أهالي الطلبة خاصة الأجانب، وتحولت قاعات العلم والمعرفة في أقل من أسبوعين إلى ما يشبه عمليات الإجرام والمافيا المنظمة والاعتداء اللامبالي على الغير، فقد تعرض قبل أسبوع طالب زيمبابوي للطعن أمام الاقامة بعنابة ووافته المنية بعد ذلك، وبعدها بأقل من ثلاثة أيام تعرض طالب جامعي في العاصمة بن عكنون للذبح في غرفته من طرف مجهولين بعدما كانت غاية الجريمة مجهولة ولا تزال الآراء متضاربة لحد الآن، وصرح وزير التعليم العالي والبحث العلمي الطاهر حجار أن مسؤولية الأمن سواء في الحرم الجامعي أوفي الإقامة لا تقع على عاتق وزارته بل تقع عاتق الشركات الأمنية في الجامعة، أليست الشركات الأمنية مستقطبة من طرف وزارة السيد حجار، أصبح النخبة يتعرضون والقتل و الاعتداء الجسدي بعدما طعنوا وقتلوا في أفكارهم وإبداعهم. هاهي طالبة جامعية تتعرض للطعن والتشويه من طرف زميلاتها داخل الإقامة الجامعية الهضاب 2 بسطيف هذا كله يحدث في الوزارة الحجارية التي صرحت بأن الوزارة تصرف على الطالب الواحد 70 مليون سنتيم في العام، لكن لو صرفت هذه المبالغ الخيالية حقا على الطالب الجامعي لما وصلنا لهذا المستوى المنحط، لأن جل الاعتداءات أصحابها يشعرون بالنقص وعدم النضج و ما هي إلا امتداد للعنف الذي يتخبط فيه المجتمع المدني، وتلتها حادثة الاعتداء على طالب جامعي بطعنة سكين في جامعة محند أكلي بالبويرة، لقد تحولت الجامعات والإقامات إلى مذابح ومجازر وتحول الطالب من طالب علم و معرفة إلى مجرم يتفنن في الإجرام وبشتى الوسائل والطرق.
وفي أجواء الاتهامات المتبادلة بين وزارة حجار والشركات الأمنية في الجامعة وأسباب إنتشار وتنامي الظاهرة، ينظر متابعون إلى مستقبل الجامعة الجزائرية بكثير من التشاؤم، ويتساءلون عن مدى قدرة الوزارة على السيطرة والقضاء على ما تم غرسه في نفسية الطالب من كراهية وعنف ظلا يقودانه التصفية وإلغاء بعضهم البعض بمبررات غاية في السوء. للأسف هذا ما أنجبت منظومة بن غبريط وهذا ما ربت عليه منظومة الطاهر حجار بشعار ” البقاء للأقوى”، طلاب للأخلاق مدبرين وكأننا نشهد عهد ” داحس و الغبراء” وحرب ” البسوس” حروب جاهلية تشهدها جامعات عصرية على حد تعبيرهم، لماذا في معظم دول العالم ينضوون تحت لواء جامعاتهم ويلتزمون بسلوكيات مدنية رفيعة المستوى؟ بل حافظت هذه الجامعات الأجنبية على سمعتها الجيدة وسمعة خريجيها في المجتمع، هم لديهم أفكار تنديدية للعنف ونحن لدينا أفكار تدعيمية للعنف، من خلال ممارسة مختلف الأنشطة ذات الصلة بالعنف في الجامعة من قفل للجامعة والكليات وبالتالي تحدث المناوشات ووقوع الجرائم الفظيعة أصبح العنف الجامعي يهدد مسيرتنا العلمية، أصبحنا نحن الطلبة من طلاب علم إلى باحثون عن الأمن والاستقرار واللاعنف في جامعات السيد حجار، أصبح الطلبة يدرسون بشعار ” جينا نقراو ماجيناش نموتو”، ومهما حاولنا معرفة دوافع هذا العنف فإننا لن نصل للحقيقة وحتى إن كشفنا أن من دوافعه أنه إمتداد للعنف الذي يتخبط فيه المجتمع، وأيضا كون الجامعة أصبحت مرتعا للبلطجية ولا فرق بينها وبين الشارع.
وفي الأخير يمكن القول بأن العنف الطلابي له دوافع وما خفي منها أعظم وذلك أن الدوافع الحقيقية دائما ما تبقى مجهولة لا يعلم بها إلا مرتكبيها، كما أن توفير البيئة والآليات الكفيلة للحد من الظاهرة وتقليص انتشارها يتطلب جهود جبارة مشتركة متكاثفة مشتركة من طرف مختلف مكونات المجتمع بدأ من الأسرة إلى غاية الجامعة، ومهما تطورت وتعددت أساليب و قوانين الردع لا يمكن أن تساهم بشكل كاف للحد منها، بل قد تزيدها تعقيدا، إذا كانت الضمائر ميتة والمنظومة التربوية الأخلاقية تحتضر عن التربية والتنشأة الاجتماعية الصحيحة أحدثكم.
قماز حسام الدين/ جامعة باتنة 1