العمود

المدرسة تحصد نتيجة التراكمات النفسية

وجب الكلام

انتشر خلال الأيام القليلة الماضية مقطع فيديو لتلاميذ بإحدى المؤسسات التربوية الجزائرية وهم يلقون بطاولات من طابق يطل على الساحة، وقد أحدث مقطع الفيديو الجدل، وتحول إلى محل نقاش، في الواقع وعبر المواقع، وتساءل الكثيرون عن سبب تدهور الأخلاق إلى هذه الدرجة وتحولت المدرسة الجزائرية إلى ما يشبه مفرغة “لذوي العاهات النفسية”.

من جهتنا، نرى بأن المدرسة الجزائرية قد باتت تحصد نتيجة تراكمات نفسية لدى جيل أو أجيال لم تتلق الرعاية النفسية الصحيحة من طرف الأولياء، وبحسب ما لاحظناه، فإن التلميذ الذي قام بقذف الطاولة قد ظهرت عليه ملامح لا مبالاة، وعلى الأرجح فإنه لم يفعل ما فعله إلا ليلفت الانتباه، أو ليعبر عن ضغط نفسي يعانيه، وفي كلتا الحالتين، فإنه لا يقدم على “فعل عدواني” من شأنه أن يعرض حياة الغير للخطر ودون دوافع مقنعة وطبيعية كردة الفعل أثناء القيام بالدفاع عن النفس إلا شخص “غير سوي نفسيا”، فالذين يقومون بتصرفات متهورة وعدوانية دون أن يكون هناك سبب لفعل ذلك عادة ما يعتبرون “أشخاصا يحبون لفت الانتباه” أو أشخاصا “يعبرون عن الكبت أو الضغط النفسي الذي يعانونه”.

من الطبيعي أن تتحول المدرسة الجزائرية إلى ما يشبه مستشفى مجانين، ومكانا للمدمنين، ذلك لأن الكثير إن لم نقل جل العائلات الجزائرية قد تخلت عن دورها في توفير الرعاية النفسية للأبناء، ولنا أن نتصور كيف ستكون حالة طفل يتم قذفه يوميا إلى “دور الحضانة” أو في أحضان “مربية” بعد أن يكبر في بيئة لا اهتمام فيها به، فالطفل الذي يقضي سنوات عمره الأولى في دور الحضانة وفي بيئة غير التي يفترض أن يكبر فيها سوف لن يكون سويا نفسيا، وسيعمل بشتى الوسائل لأن يعوض ذلك الاهتمام الذي فقده حتى لو اضطره ذلك للفت الانتباه بسلوكات تشكل خطرا على نفسه وعلى غيره، ولهذا، فإن المدرسة تجني نتيجة تراكمات نفسية سببها إهمال الأولياء الذين تحولوا إلى “طيور الواق واق”، ينجبون، ثم يتنكرون لأبنائهم ويعتقدون أن “الأكل والشرب هو كل شيء”.

حمزه لعريبي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.