“المحروسة” تتزين.. والعملية في طريقها إلى ولايات الداخل
بهدف إضفاء طابع عصري على واجهة عاصمة البلاد
تتهيأ عاصمة البلاد لارتداء حلة عمرانية جديدة كليا تضفي على “المحروسة” طابع المدنية العصري على غرار كبريات العواصم في العالم وهذا تماشيا والثقل الذي تمثله العاصمة تاريخا وحضارة، وكذلك تماشيا والنقلة التي تشهدها البلاد في حضورها إقليميا ودوليا كواحدة من مراكز القرار والثقل الدولي.
عبد الرحمان شايبي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
يكشف حرص رئيس الجمهورية شخصيا على عملية “إنعاش” مظهر العاصمة إرادة سياسية قوية في إحداث التغيير الذي ظلت تتلقاه العاصمة في شكل وعود سياسية وفي مجرد أماني دون أن يعرف طريقه إلى التجسيد والتحقيق، حيث ظلت عاصمة بني مزغنة خارج الإطار الجمالي وغارقة في فوضى العمران التي أبقت على عاصمة البلاد في حدود المدينة “الميتة” التي يهرع قاطنوها إلى النوم باكرا على غرار ولايات الوطن الأخرى وهو ما تحاول السلطات hgd ;l استدراكه من أجل بعث لون وطعم الحياة بعاصمة البلاد على مدار 24 ساعة يوميا.
واكتفت العاصمة الجزائرية منذ فجر الاستقلال بالاحتفاظ بنمط المدينة المتداخلة بين العمران الفرنسي الاستعماري وحقبة الحماية العثمانية بجانب رصيدها من الثقافة والهندسة المعمارية الإسلامية دون أن تعمل على تقديم وجه ديناميكي يتسم بالعصرنة ومرونة المدنية منذ افتتاح نزل الأوراسي بداية الاستقلال، ثم تشييد مقام الشهيد ثمانينيات القرن الماضي في آخر محاولة عاصمية حاولت التماشي ومتطلبات العصرنة والمدنية المتسارعة.
ومع أن محاولات في صلب العصرنة العمرانية جاءت مطلع الألفية من خلال تشييد مقار حكومية وهيئات دبلوماسية بجانب سلسلة فنادق عالمية إلا أن ذلك ظل بعيدا عما تستحقه قبلة الأحرار في العالم من منظر عام رائق ومظهر على مستوى “الهندام” العمراني الذي تتهيأ في الوقت الحالي للكشف عن تصميمه الهندسي وجماله السياحي والذي في حال الالتزام بتنفيذه أن يغير من ملامح المحروسة بزاوية 360 درجة كاملة.
ووقف رئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون أمس الأول على مشروع الهندسة الجديد الذي ستكون عاصمة البلاد مسرحا له خلال الخماسي الجاري، ما من شأنه أن ينقل عاصمة البلاد إلى مصف العواصم ذات المسحة “الهوليودية” الساحرة بكل ما تحمله من قيم وتراث وتطلعات نحو آفاق المستقبل.
ووظف رئيس الجمهورية رصيده الطويل كمسؤول يدرك جيدا التفاصيل الدقيقة المتعلقة بالمدينة والعمران من أجل إحداث لمسة التغيير المنتظرة على مركز ثقل البلاد سياسيا واقتصاديا، واستعادة مدينة عبدالرحمان زيري وهجها وعنفوانها وكبريائها المشهود له عبر التاريخ.
وعلى الأرض، تم تقسيم فصول معركة تغيير وجه العاصمة إلى أربع مخططات سُمي الأول منها بالمخطط الأبيض، ويتعلق بالمدينة والتهيئة العمرانية، حيث يشمل إعادة تأهيل وطلاء واسعة داخل أحياء وأزقة العاصمة، فيما جاء المخطط الثاني بعنوان المخطط الأزرق، ويعنى الواجهة البحرية التي ستعرف تغييرات جذرية على امتداد الإطلالة البحرية بطول 14 كم من عين البنيان حتى تمنفوست، تتخللها إقامة مراكز أعمال وتجارة وفضاءات سياحية عصرية بجانب أبراج سكنية وناطحات سحاب ستجعل من خليج الجزائر قطعة مهربة من الجنّة.
وحمل المخطط الثالث اللون الأخضر تماشيا والحفاظ على التوازنات الإيكولوجية ومراعاة عامل البيئة والمحيط الأخضر المترامي على أطراف العاصمة، تلاه المخطط الأصفر، ويُعنى بعمليات النقل التي ستعرف توسعات هامة على شبكة ميترو الأنفاق والترامواي ومخارج ومنافذ الطرق الاجتنابية، بجانب دخول النقل الأحادي السكة “المونوراي” خارطة النقل الرسمية في العاصمة وفي إفريقيا ككل لأول مرة في التاريخ.
وخُصّ رئيس الجمهورية أمس الأول من قصر الثقافة مفدي زكريا في إطار خرجة عاصمية بعرض مصور عن مشروع التهيئة الذي ستعرفه عاصمة البلاد في السنوات القليلة القادمة، أين أبدى السيد الرئيس إعجابه وتوجيهاته معا من أجل تنفيذ المشروع باحترافية، وفي آجاله المعتمدة خدمة لسكان العاصمة وزوارها من داخل وخارج الوطن.
ومن شأن المشروع بعد اكتماله أن يشكل “مفاجأة” لكل الجزائريين، أمام ما تضمنه مخطط التهيئة من محطات وفضاءات تعانقت فيها القيّم الحضارية بالقيّم الجمالية والتي ستجعل من العاصمة في النهاية بمثابة “بطاقة بريدية” تستحق التبادل، وجديرة بتخليد الذكرى.
وأعطى رئيس الجمهورية بمناسبة اطلاعه على مشروع تهيئة العاصمة أملا في نقل التجربة إلى باقي الولايات الداخلية، خص منها عاصمة الشرق الجزائري قسنطينة بالاسم، مُقرا بأحقية مدينة العلم والعلماء في ملامح حضارية تليق بمدينة الصخر والجسور المعلقة على أن تتمدد عملية إعادة التهيئة أكثر باتجاه ولايات الشرق والغرب والجنوب أيضا.