
انتشرت في الجزائر وعلى نطاق واسع العديد من المؤسسات الخيرية والإنسانية والجمعيات التي تتخذ من مبدأ العمل التطوعي وخدمة الفرد والمجتمع نقطة انطلاق لتأسيسها و”النضال” تحت هذا الشعار الذي يبدو إلى حد كبير جذابا وذا فاعلية وتأثير على الفئات المجتمعية وحتى المؤسسات الرسمية التي تحاول تسهيل مهمة المجتمع المدني في ظل التغيرات الرامية إلى تفعيل دوره الذي لا يُستهان به في عديد القضايا والمشاكل التي يعاني منها الأفراد في عزلة عن وجود من يتكفل بها خاصة في حال العجز عن الوصول إلى الحقوق والمكتسبات أو نيل بعض الدعم المادي والمعنوي من المجتمع وممثليه وكذا جهاته المعنية من مديريات الخدمات الاجتماعية ومنظمات حقوق الإنسان وغيرها..
وعلى الرغم من الكثرة التي ميزت الجبهة الاجتماعية بكم هائل من المراكز والجمعيات إلا أنها ما تزال عاجزة على تلبية احتياجات الفئات المعنية بها، والذين يتخبطون دون أدنى حق لهم مع وجود مجتمع مدني بحاجة إلى تعزيز دوره بدلا من الانسياق وراء الاجتماعات الفارغة واللقاءات الدورية التي لا تقدم من العمل الأساسي لها أو تؤخر أو الاستعراضات الإعلامية لإثبات الوجود ليس أكثر..
لهذا فإن المجتمع المدني اليوم ومع تعدد القضايا والمشاكل وتراجع المستوى المعيشي لغالبية الجزائريين مطالب أكثر من أي وقت مضى على أخذ المسؤولية على محملها الجاد بعيدا عن تحقيق مصالح ضيقة للجمعية ومؤسسيها والعاملين تحت لوائها، إذ أن حضورها الغائب أثر كثيرا في مؤشر الثقة المهزوز مع قلة من يلجأون إليها لخلفية مسبقة بأن لا جدوى من ذلك، فهناك شبه ضياع يعانيه الأفراد وعائلاتهم حيث لا يعرفون أين يتوجهون بمشاكلهم العالقة على مدى سنوات خاصة فئة ذوي الاحتياجات الخاصة والعجزة والأيتام والعائلات المعدمة أو ذات الدخل البسيط وكذا المساجين لتغيب الحقوق أو يتم تغييبها بشكل آلي لعدم وجود “وساطة” جادة والممثلة في المجتمع المدني ما خلق هُوّة وفراغا يتم استغلاله من طرف بعض “الفاسدين” الذين لم يخضعوا بعد لسلطة التحولات العميقة التي تسعى الجزائر في هذه المرحلة لتحقيقها وذلك إيفاء بالوعود التي أُطلقت على أساس تلبيتها خطوة بخطوة على أرضية الواقع، وعليه فإن المجتمع المدني وإن حرص على دعم تكتلاته أن يعمل بفاعلية من أجل انتزاع حقه كطرف مدني وحقوق الفئات التي تأسس من أجلها وليس على الدولة إلا أن تلتزم بتعهداتها من تسهيلات وإلزام مؤسساتها على تأمين معابر آمنة في سبيل ذلك، بدلا من تجذر البيروقراطية وكهنتها المسيطرين على زمام الأمور ومصير الفئات الهشة والعاجزة على تحصيل حقوقها بنفسها أو من خلال وساطة المجتمع المدني.
سماح خميلي