العمود

الكيان الماكر

بصراحة

يبدو أن نقض الكيان الصهيوني لاتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة لم يكن عبثيا، بل إنه كان جزء من خطة محكمة للسيطرة على القطاع وتقويض المقاومة بل وتحييدها واستلام إحدى أشرس المناطق الفلسطينية على طبق من ذهب، حيث إن عودة الكيان الصهيوني إلى شن غارات ضد المدنيين، ومنع المساعدات عنهم قد أشعر المدنيين بأن الحرب عليهم باتت أمرا واقعا لا مناص ولا خلاص منه إلا بتحقيق الكيان لأحد أهم الأهداف التي يسعى لتحقيقها، وهي القضاء على المقاومة عموما وعلى حماس على وجه الخصوص.

بغض النظر عن وقوع المدنيين في الفخ، إلا أن المنطق يقول بأن الظروف غير الإنسانية التي فرضت على المدنيين في قطاع غزة من الطبيعي أن تقتل فيهم أي استعداد للمواجهة، ومن الطبيعي أن تتعب عزيمتهم، ومن الطبيعي أيضا أن تنزع عنهم تلك المبادئ التي ظلوا يتمسكون بها طيلة عقود من الزمن، فالذي عاناه المدنيون منذ طوفان الأقصى لم يكن سهلا، بل ولم تشهد له غزة مثيلا منذ سنوات، ولهذا، ففي ظل الصمت والخنوع والاستسلام العربي، شعر المدنيون في غزة بأنه ما من أمل في ظل تغول الكيان الصهيوني المدعوم بقوى الشر في العالم، وما من أمل في ظل عجز المجتمع الدولي عن رد العدوان الصهيوني ولا حتى عن إدخال المساعدات إلى غزة، وبالتالي، فمن الطبيعي أن ينادي المدنيون بإنهاء سبب الحرب عليهم، والحديث عن إنهاء “سلطة حماس في القطاع” خاصة وأن حماس قد تآكلت بسقوط عديد قادتها الواحد بعد الآخر، وبالتالي فلم تعد بالقوة التي كانت عليها ولم تعد حماس التي يرتقب أن تحقق “المجد والنصر” لغزة.

الكيان الصهيوني يثبت في كل مرة بأنه ماكر، ففي الوقت الذي كان يفاوض فيه حماس بشأن وقف إطلاق النار، كان يفكر في الخطوة التالية لما بعد الاتفاق، والمؤسف أن العرب لا يملكون هذه الميزة، فهم يفكرون داخل الصندوق ولا يحسبون حسابا لاحتمالات أخرى، أي أن المقاومة لم تحسب حسابا لاحتمال نقض اتفاق وقف إطلاق النار، بل راحت تحتفي به بطريقة أوحت للجميع بأن الحرب انتهت كليا، والنتيجة حتما لم تكن ولن تكون في صالح “الفلسطينيين” في قطاع غزة، الذين قدموا تضحيات جسام فتفاجؤوا بسيناريو مخالف للتوقعات .

سمير بوخنوفة

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.