
من الكوارث الموسمية التي ارتبطت في الآونة الأخيرة بفصلي الخريف والشتاء وأيام البرد على العموم النهايات المأساوية التي يروح ضحيتها عديد الأشخاص والعائلات والمتعلقة بما بات يوصف بالقاتل الصامت “كمجرم متسلسل” غير مصنف يستهدف الأشخاص الذين يرتكبون أخطاء مميتة بحق أنفسهم أو ذويهم من خلال عدم التزامهم بقواعد السلامة المعروفة عند عامة الناس ويُفترض أنها لا تحتاج إلى توصيات وحملات ودروس، ورغم ذلك فإن الوقوع في نفس العثرات يؤدي إلى ما يُسجل من حوادث مأساوية كان بالإمكان تجنبها بأقل تكلفة وأبسط احتياط..
ورغم المعاناة التي عايشها آباؤنا وأجدادنا في فصول طويلة وقاسية من موجات البرد والصقيع وتراكمات الثلوج والأحوال المعيشية القاسية إلا أن حوادث الاختناق بغاز أحادي الكربون لم تكن بهذا المستوى من المؤشرات المرتفعة التي يزاحم فيها ضحايا الغاز بقية الحوادث المروعة، علما أنه لا جدوى من حملات التوعية التي تقوم بها الحماية المدنية بكثافة في هذه الفترة إذا لم تكن مدعومة بتوعيات ميدانية وبتوزيع لوسائل التدفئة المناسبة لكل منطقة والبطانيات وكذا ملابس شتوية يتكفل بها المحسنون وبعض الهيئات التي يمكنها المساهمة والاستعانة بدروس وتوجيهات على مستوى المساجد باعتبارها أقرب إلى الناس ويمكن للأئمة مخاطبتهم بمكبرات الصوت إن لزم الأمر..
صحيح أن لموجات الصقيع أحكامها خاصة في المناطق الجبلية والمعزولة والنائية وغير المهيأة مع ظروف قاهرة حرمت الآلاف من أبسط ما يقيهم البرد ولسعاته إلا أن الأرواح أقدس من أن يُستهان بها بانعدام الاكتراث كليا والحاصل ما يُسجل من عشرات الحوادث التي كان بالمقدور تجنبها بقليل من الحرص والوعي والانتباه سواء في المناطق الحضرية أو الريفية المعزولة..
وما هو ملاحظ أن غالبية ضحايا القاتل الصامت هم من الفئات المجتمعية الهشة ما يعني اضطرارهم لاستعمال وسائل بسيطة وبدائية للتدفئة وهو ما يعرضهم لغازاتها السامة، وإن كان الوعي قد يكون حائلا دون وقوع ذلك حتى وإن كانت الظروف غير ملائمة على أية حال، فَسِر النجاة يكمن في ارتفاع معدلات الوعي والالتزام بالقواعد..
ومع توافر وسائل الاتصال والتواصل وتنوعها بين يدي الناس فإنه بالإمكان الوصول إلى أكبر عدد ممكن منهم بوصلات تحذيرية من مغبة الاستهانة بتداعيات غاز أحادي الكربون الذي تحول إلى تهديد داخلي يتربص بنا من حيث ننشد الدفء والراحة والسكينة في منازلنا بعيدا عن الأجواء الصاخبة خارجها للأسف.
سماح خميلي