العمود

الفرطاس ومال المسلمين

وجب الكلام

تحضرنا اليوم قصة رجل دخل إلى محل “قصابة” فوجد شخصا “أصلعا” يتأمر والجزار يأتمر بما يأمره به، وينتهي عما ينهاه عنه، كيف لا وهو يدفع بلا حساب، ويختار من اللحوم الحمراء والبيضاء ما لذ وطاب، وعندما خرج، سأل “الرجل” الجزار، من ذاك الأصلع، فأجاب الجزار قائلا أن “الفرطاس” هو زوج “أرملة” مات زوجها فورثت عنه مالا لا تأكله النيران، وهو من عرف في حياته ببخله ويده المغلولة، حينها أخرج “الرجل” يده المرتجفة والمترددة من جيبه واختار ما لذ وطاب هو الآخر من شتى أنواع اللحوم، وعندما وصل إلى البيت، سألته زوجته عن كرمه وسخائه المفاجئين فقال “نخاف نموت وياكلهم الفرطاس”.

في أعمدة سابقة، تطرقنا إلى موضوع مقدسات المسلمين التي يحجون إليها ويعتمرون في المملكة العربية السعودية، وقلنا بأنه من غير المنطقي ومن غير المقبول أن تنفرد المملكة العربية السعودية بعائدات “الحج والعمرة” وهي بمثابة “مال المسلمين” طالما أن المقدسات تخص المسلمين جميعا، وكنا قد اقترحنا إنشاء أو تأسيس ما يشبه “مجلس تضامن إسلامي” يضم كل الدول التي تدين بالإسلام، أو جامعة دول إسلامية، فيكون له أو لها ذراع “أمني” يتولى حراسة مقدسات المسلمين على أن تكون هناك إدارة مشتركة لهذه المقدسات والأوقاف لصالح الجامعة أو المجلس فتكون خزينتها أو خزينته أشبه ببيت مال المسلمين، على أن يوجه مال المسلمين لإغاثة أية دولة إسلامية بحاجة لإعادة إعمار، وبطبيعة الحال، فهذا يغني البلدان الإسلامية عن السؤال واللجوء إلى صندوق النقد الدولي ورهن سيادتها.

بعد أن تطرقنا للموضوع محل النقاش عدة مرات، تفاجأنا بردود الفعل من عديد “المدافعين عن السعودية” كدولة، وقالوا بأن السعودية أحق بأموال الحج والعمرة، وأكدوا بأن المسلمين يدفعون خلال رحلات الحج والعمرة ثمن “إقامتهم” وثمن الخدمات المقدمة لهم، وبغض النظر عن “منطقهم الأعوج” الذي تناسوا فيه بأن ثمن الإقامة والخدمات في الحج والعمرة لا يختلف عن ثمن الإقامة والخدمات في أي بلد سياحي، وبالتالي فإن السعودية قد باتت تستغل الحج والعمرة “كسياحة دينية” وبالتالي مصدرا من مصادر الدخل، إلا أن ما تم تداوله من تصريح منسوب لترامب حتما سيضع المدافعين عن السعودية في الزاوية ويلزمهم الصمت، إذا قال الرئيس الأمريكي بحسب ما هو متداول طبعا أن لأمريكا الحق في الحصول على جزء من عائدات الحج، وأضاف قائلا أن ذلك سيحدث ابتداء من موسم الحج 2025، وحجته أن “الله” رب الجميع وليس رب “السعودية فقط”، وهنا تحضرنا القصة السابقة ويحضرنا “الفرطاس”، فالذين كانوا يرفضون تأميم “مقدسات المسلمين” لصالح المسلمين سيخضعون مجبرين وصاغرين “للفرطاس” الأمريكي وربما لغيره من “الفرطاسين”.

حمزه لعريبي

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى

أنت تستخدم إضافة Adblock

يرجى تعطيل مانع الإعلانات.