
في وقت أحس العالم فيه بفراغ كبير وحالة هلع رافقت الانقطاع المفاجئ لخدمات الفايس بوك وبعض مواقع التواصل الاجتماعي وخسارة الملايين من الدولارات لكثير من الشركات بما فيها إمبراطورية الفايس بوك نفسها التي كانت ست ساعات من الانقطاع كفيلة بأن تزعزع عرشها، لم أكن لأهتم بأمر هذا الانقطاع حيث أنني لم أصل إلى درجة الإدمان على مواقع التواصل أو لنقل أنها لا تتعدى كونها وسيلة قد تتعطل أو تختفي نهائيا كغيرها من الوسائل المتاحة وعلينا أن نتهيأ لمثل هذه التحولات دون التعلق المفضي إلى التوجس خيفة من الاستيقاظ يوما على عدم وجودها في حياتنا..
وقد استغربت كل هذا الهوس المرضي بمواقع التواصل، حيث أصبحت عند البعض عالمهم الخاص الذي لا يتصورون وجودهم دونه، بغض النظر عن الشركات التي تعتمد عليها لتسهيل الوصول أو لترويج بضاعة أو لشؤون أخرى متنوعة وما أكثرها بتنوع تلك المواقع..
فالعالم بأكمله أثبت أنه هش كفاية ليتم اختراقه والتلاعب والتحكم به، ووسائل التواصل لم تعد مجرد محطات عابرة بل تمثل للملايين عوالم خاصة رغم افتراضيتها إلا أنها سرقت منهم واقعهم وواقعيتهم وأقحمتهم في زيف العلاقات، ولو عرضنا مستعملي الفايس بوك على سبيل المثال على اختصاصيين نفسيين، فإنه ليس مستبعدا تصنيفهم كمرضى نفسيين من الدرجة الأولى والحال على ما هو عليه من التعامل غير السوي مع الفايس بوك وغيره..
وقد كشف هذا الانقطاع على مستوى الخدمات المقدمة من الفايس بوك وبعض المنصات التي مسها هذا الخلل التقني “الوارد” على حسب الخبراء، بسبب مركزية نظام الفايس بوك وهو ما يجعل منه نظاما غير موثوق بالنسبة للمتعاملين..
وإذا كان للشركات العالمية والمحلية مبرراتها بخصوص التخوفات التي رافقت انقطاع الخدمات الفايسبوكية، فإنه لا مبرر للأشخاص العاديين الذين يفضلون معايشة عواطفهم وعلاقاتهم الإلكترونية بدلا من النزول إلى واقعهم المعيش، فكم من شخص يحتاج إلى كلمات مباشرة ومواقف من طرف أقاربهم وأحبتهم وأصدقائهم وكم من شخص يحتاج إلى دعم معنوي ومادي وعاطفي إلا أنه لا يجده بينما تضج المواقع بكل ما نحن بحاجته فعلا لا افتراضا، والموازنة بين هذا وذاك تحتاج أولا إلى تصحيح الرؤية المتعلقة بالفايس بوك والأنستغراموالواتساب وما إلى ذلك من المواقع حيث لا تزيد عن كونها وسيلة لا تقدم ولا تؤخر في حياتنا الطبيعية شيئا ومن هنا يمكن البدء بمراجعة أسلوبنا في الحياة من أساسه.
سماح خميلي