تضع مراسم التوقيع الرسمي على قانون المالية أمس الأول فريق الحكومة الجديدة على خط الانطلاق في تجسيد مشروع رئيس الجمهورية الذي رفعه السيد عبد المجيد تبون بمناسبة تزكيته لعهدة ثانية، ويعكس اجتماع مجلس الوزراء الأول لحكومة العرباوي الخارجة من عملية تعديل وزاري أن نزيل المرادية لن يقبل دون السرعة القصوى في التنفيذ مع مراعاة مقاييس العمل الخالية من أي عيوب أو نقائص قد يفرضها الريتم العالي المتبع في تجسيد البرنامج الرئاسي.
عبد الرحمان شايبي ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
بكلمات بسيطة غلبت عليها العفوية التي غالبا ما يتخذها رئيس الجمهورية عنوانا في تواصله بالمسؤولين في الداخل وبالجماهير الشعبية، رحب قاضي البلاد الأول بالوافدين الجدد إلى جسم الحكومة التي أبقت السيد محمد النذير العرباوي “ربان” السفينة، فيما بدى أن الرئيس تبون سيحتفظ بالترحيب الكبير الذي قد يصل “الإطراء” لكامل الجهاز التنفيذي لكن، بعد تجربة الميدان.
ونال حديث الميدان الحيز الكبير من توجيهات وتعليمات رئيس الجمهورية خلال مجلس الوزراء الأول الذي انعقد بمناسبة تمرير قانون الموازنة العامة للعام الجديد والأول كذلك بالنسبة للحكومة الجديدة، كما أنه الأول أيضا في عمر العهدة الرئاسية الثانية للسيد عبد المجيد تبون ما أعطى اجتماع مجلس الوزراء ثقلا أكبر عن سابقيه بحكم الظروف والإطار الذي تزامن وانعقاده.
وحرص السيد رئيس الجمهورية على نقطتين مركزيتين في عمل الحكومة المقبل تتعلق أولاهما بالمواطن الذي اعتبره الرئيس حجر الزاوية في عمل الحكومة المقبل وأن الاقتراب منه أي المواطن لا يعد هدفا منشودا وأولوية فقط، وإنما التكفل بانشغالاته هو جوهر الأفعال المنتظرة من فريق العرباوي، وهذا التكفل والإلمام بمشاغل المواطن لن يكون سوى بمرور الوزراء بمحاذاة الشارع والتحرك في عمقه على أن يكون الاستماع والإصغاء بداية الوصفة السحرية التي تنتهي إلى التكفل التام بمطالب المواطن الذي يعول على حكومة الرئيس في تلبية حاجياته المتزايدة وأن تنأى به عن أي طارئ يضرب الجبهة الداخلية لاسيما على مستوى القوت اليومي للجزائريين.
ومن اجل ذلك، نبه الرئيس أعضاء الحكومة أن البناء على معطيات ومعلومات واقعية هي من تقود إلى تنفيذ الاستجابة بشكل عاجل لاحتياجات المواطن وأحيانا استباق هذه المطالب من خلال اعتماد برامج وحلول “تتقي” بها الحكومة شر المساءلة جراء تراكمات المطالب الشعبية وتكدس وعود التسويف التي لن تجدي نفعا أمام مشروعية وشرعية الأصوات المطالبة بها.
وينتظر الفريق الحكومي عمل كبير على صعيد أداء المهام وتنفيذ برنامج الرئيس “المكتظ” بالتزامات قطعها المترشح الحر في طلب تزكيته لفترة رئاسية ثانية، ما يعني أن وزراء مجبرون على نقل مكاتبهم إلى الميدان مباشرة أكثر من اجتماعات الصالونات المغلقة في المباني والمكاتب الرسمية، وهذا بالنظر إلى “مسحة” الميدان التي طبعت معظم برنامج الرئيس المعروض على الشعب في استحقاق سبتمبر الماضي.
ومع أن توجيهات رئيس الجمهورية بمناسبة انعقاد مجلس الوزراء الأول في عمر الحكومة الجديدة جاءت عامة، وغير تفاضلية بين عمل القطاعات، إلا أن عددا من الأعضاء المجتمعين بمكتب الرئاسة أول أمس سيكونون معنيين بفهم ما أُسديَ إليهم من توجيهات على نحو خاص، نظرا إلى جملة الرهانات المرفوعة، تتقدمها التحديات الاجتماعية والاقتصادية في ظل التطلعات الوطنية والتحول الكبير الجاري داخل البلاد وفي عموم المنطقة.
وأعطى توقيع رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون أول أمس على قانون الميزانية لسنة 2025 “ضوءا أخضرا” لمباشرة عمل القطاعات الوزارية التي يكون أصحابها قد سجلوا الكثير من الملاحظات والتوجيهات على جدول أعمالهم بعد الانصراف من اجتماع مجلس الوزراء الذي تلا مراسم اعتماد قانون الموازنة العامة.
وتستفيد الحكومة الجديدة من عامل الخبرة من جهة، والكفاءة من جهة ثانية، ما يبقي طاقمها على المسافة صفر مما يجري في الميدان، دونما انتظار ما يُرفع إليها من تقارير إدارية تتناول حوصلة الوضع العام لدى كل قطاع.
ويُستشف من تعليمات رئيس الجمهورية توجيه دعوة صريحة لـ “رجاله” في الجهاز التنفيذي تهدف إلى تبني حلول استباقية، خاصة ما تعلق منها بالحياة اليومية للمواطن، وهو ما يُبقي نظام اليقظة الحكومي “شغالا” باستمرار تفاديا لأي أزمات مستقبلية محتومة، أو طارئة، وأيضا تفاديا لأي أوجاع غير مستحبة.